نداء مجموعة من المثقفين العرب إلى قوى العمل الوطني الفلسطيني
وجه 45 مثقفا عربيا، منهم الشاعر والكاتب والروائي والباحث والمخرج السينمائي والمؤلف الموسيقي ومصمم الديكور السينمائي والإعلامي، نداء إلى قوى الحركة الوطنية الفلسطينية بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والخمسين لانطلاق الثورة الفلسطينية المجيدة.
جاء هذا النداء، المنشور منذ فاتح يناير من هذه السنة الجديدة، ضمن أجواء البطولات الكفاحية الهائلة التي تسطرها فصائل المقاومة في غزة ردا على جرائم الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين.
نظرا للمنعطف الخطير الذي يلغته القضية الوطنية الفلسطينية اليوم، في سياق الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة التي جاوزت كل الأهوال الممكنة والمتخيلة، وانتهكت بفظاعتها الوحشية كل الشرائع والقوانين والأعراف والقيم التي تواضعت عليها الإنسانية، واعتبارا لما تتلقاه هذه الحروب الإجرامية القذرة من دعم وإسناد ماديين ومن غطاء سياسي من حكومات الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وأخذا في الاعتبار حالة التقاعس العربي الرسمي عن نصرة الشعب الفلسطيني وحمايته، وعن تحمل مسؤولية في إجبار الاحتلال ورعاته الدوليين على وقف العدوان، واستحضارا لما كسبته قضية الشعب الفلسطيني الوطنية وكفاحات مقاومته من نجاحات هائلة على صعيد الرأي العام الشعبي، في العالم والوطن العربي، على ما تفصحه عن ذلك – بجلاء – مسيرات الدعم والتضامن ومظاهراتها في أركان الأرض كافة، فقد بات على قوى العمل الفلسطيني أن ترتفع، أكثر فأكثر، إلى مستوى التحدي الجديد الذي يجابه شعبها (تحدي الإبادة الجماعية والتهجير القسري)، وأن تستفيد من لحظة التضامن الاستثنائي الكوني، في مسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف.
أول هذه الأهداف وأهمها التداعي إلى إجراء حوار وطني شامل بين فصائل العمل الوطني والقوى الشعبية والمدنية، ينهي حالة الانقسام التي تمزق الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، ويستعيد الوحدة الوطنية، ويفتح الباب أمام اجتراح رؤية برنماجية موحدة إلى عملية التحرر الوطني وحلقاتها القادمة؛ وذلك قصد تعظيم الموارد الكفاحية الذاتية التي يحتاج إليها النضال الوطني الفلسطيني من أجل التحرير والعودة وتقرير المصير، قصد التوافق على خطة عمل لترتيب الأولويات والأهداف، بما تسمح به الإمكانيات المتاحة من غير تفريط في الجوهري من الحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة.
ثاني الأهداف التي يطمح أصحاب النداء إلى أن تحققها الحركة الوطنية الفلسطينية هو إعادة بناء مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني؛ وأول ما يجب القيام به في هذا الصدد إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قواعد التوافق الوطني والنظام الداخلي الديمقراطي. يقتضي ذلك، في ما يقتضيه، توسعة إطار العضوية فيها لالتحاق فصائل فلسطينية جديدة بها، وتصحيح التمثيل السياسي في أطرها المركزية من مجلس وطني ومجلس مركزي ولجنة تنفيذية. لكن ذلك يقتضي، أيضا، إعادة ترسيخ مرجعية منظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومنع مزاحمة أي جسم سياسي آخر لها – من قبيل السلطة الفلسطينية – على دورها الوطني التمثيلي والمرجعي.
ثالث تلك الأهداف الاستراتيجية إنهاء ارتباط الساحة الوطنية الفلسطينية بأحكام (اتفاق أوسلو) والعودة إلى المشروع الوطني، وذلك من خلال إعلان منظمة التحرير، رسميا، تحللها من التزاماتها تجاه اتفاق تحلل منه الاحتلال منذ السنوات الاولى لتوقيعه. أما مؤسسات “اتفاق أوسلو” القائمة، من سلطة فلسطينية ومجلس تشريعي وحكومة… فينبغي – في الحد الأدنى – أن يعرض أمر الإبقاء عليها أو إلغائها على استفتاء عام يقرر فيه الشعب مصيرها.
إن هذا النداء يضع نفسه في نطاق المساعي التي تبذلها جهات عدة في المجتمع العربي من أجل تصويب مسار العمل الوطني الفلسطيني، ومن أجل أن تستطيع قوى هذا العمل أن تستثمر ما في حوزتها من الموارد السياسية والشعبية تنمية لقواها، وتعظيما لفاعلياتها، وتمتينا لوحدتها الوطنية، وتعزيزا لمقاومتها الباسلة.