جان جاك روسو: الملكية الخاصة تؤدي إلى لتفاوت والمجتمع المدني يغتال براءة الإنسان
أحمد رباص
شكل فلسفة جان جاك روسو صرحا أخلاقيا وسياسيا هائلا. من “إميل” إلى ا”لعقد الاجتماعي”، يقدم روسو رؤيته للإنسانية، كما يجب أن تكون وليس كما هي.
يكن روسو بالفعل كراهية عميقة للإنسان كما هو. لذا، ففلسفته هي في الأساس تفاعلية، ارتكاسية فيما يتعلق بالمجتمع والحداثة.
في “خطاب حول أصل التفاوت وجذوره بين البشر”، طور روسو استعارة مديدة عن حالة الطبيعة، حالة ما قبل الحضارة
يصف هذه الفترة من الإنسانية بأنها الأسعد. ففي حالة الطبيعة كما تصورها روسو، حقق الإنسان الاكتفاء الذاتي وزرع قطعة أرضه بحرية. لكونه غبيا وقويا وصريحا، عاش الإنسان الطبيعي أيضا في حالة ما قبل الأخلاق، لم يعرف لا الخير ولا الشر، وكان يعيش حاضره، دون قلق بشأن الغد. على خلاف هوبز، الذي وصف حالة الطبيعة بأنها حالة حرب، جعل روسو من حالة ما قبل الحضارة حقبة سلام، ودافع عن أسطورة المتوحش الطيب، الذي يبدو نظيفا إذا قورن بالرجل المتحضر المنحرف.
بعدما رسم الصورة الكاملة لحالة الطبيعة المثالية، بين روسو كيف تم تخريب هذه الحالة بمعول الملكية الخاصة. في يوم من الأيام، يقول روسو، كان هناك شخص ادعى حقه في الأرض الصالحة للزراعة: هكذا ظهرت الممتلكات الخاصة، ومعها انهارت البشرية. عن ظهور الملكية تولد التفاوت واحتدمت المنافسة الجديدة بين البشر. تم تأسيس المجتمع المدني، وتبخرت براءة الإنسان.
لهذا، لا غرابة إذا كان فكر روسو حول الحضارة متشائما. على النقيض من هوبز، تميز روسو بنزعة تشاؤمية عميقة حول التاريخ بشكل عام والحضارة بشكل خاص، واختص بنزعة تفاؤلية مرحة إلى حد ما حول الطبيعة البشرية (كانت “سذاجته” موضع تهكم من قبل فولتير).
ود روسو لو أمكن لطفل صغير اختيار مجتمعه، والتفكير مليا في أولئك الذين يعيشون معه، وتعلم كيف يعرف العالم كفاية بحيث يدرك بشكل سيئ كل ما يجري فيه. لندعه يعرف أن الإنسان صالح بشكل طبيعي، لندعه يشعر به، لندعه يحكم على جاره بنفسه؛ ولكن لندعه يرى كيف يفسد المجتمع البشر؛ ليكتشف في تحيزاتهم مصدر كل رذائلهم. سوف يجنح إلى احترام كل فرد، لكنه سيحتقر الجميع. سوف يرى أن جميع الرجال يرتدون نفس القناع تقريبا، لكنه سيعرف أيضا أن هناك وجوها أكثر جمالا من القناع الذي يغطيها.
على سبيل الختم، لم يكن روسو يتغنى بالتقدم العلمي والفني، بل كان يؤكد أن العلم والفنون، الدعامات المزعومة للحضارة المدنية، لم يجلبا للإنسان إلا الشقاء والفساد. كتب روسو في هذا السياق: “يا الله القادر، خلصنا من العلوم والفنون الشريرة لآبائنا، وأعد لنا الجهل والبراءة والفقر.”