7-التجديد الفكري بين : التوطين الإجهاض…ذ.محمد صلحيوي
ويقول الفقيد عبد السلام المودن “”لقد خرج اليسار الماركسي من صلب الحركة التقدمية المغربية،إلا أن
هذه الشرعية التاريخية-الموضوعية لم تخل مع ذلك دون أن يجيئ المولود الجديد مشوه الخلقة هزيل البنية،إن مرور إثنى عشر سنة من عمر اليسار بدون أن يتمكن بعد حتى
من الوقوف على قدميه،ليس في اعتقادي حدثاً ناجماً عن أزمة لمولود سليم،بل ربما هي أكثر ما تكون قريبة من أزمة المولود” الساقط”الذي خرج من بطن أمه قبل إنتهاء التسعة أشهر الطبيعية،من هنا تفهم شروط صراعه القاسية من أجل
الحياة.
إن تاريخ ثورات الشعوب في العصر الحديث قد أكد هذه الحقيقة الأساسية:إن أي مشروع سياسي جديد -لكي يحمل فعلاً هذا الإسم-لابد أن يكون منظلق التأسيس،ليس نقد السياسة وإنما نقد الأسس الفكرية للسياسة، إذ من خلال النقد الفكري وحده يحصل التجاوز السياسي،ومن خلال التجاوز السياسي ينبثق المشروع الجديد،أما الإكتفاء في حدود نقد السياسة فهذا يعني أن النقد يقف على تفس
الأرضية التي يراد تجاوزها،ولذلك فإن هذا التجاوز يكون إما وهمياً وإما-في أحسن
الأحوال-ناقصاً[……..،]في تجربة اليسار،الأمر يختلف كلية عن التجارب السابقة [ الروسية والصبنية]،إذ عوض أن يؤسس اليسار مشروعه الجديد إنظلاقاً من البعد الفكري للحركة التقدمية المغربية التي أراد تحاوزها،فهو بالعكس قد صب
كل نقده على السطح السياسي
بحيث اختزل كل قضايا الخلاف في مسألة السلطة،لذلك
أعتقد أن اليسار لكونه لم يستطع تحديد وطرح إشكالية
الخلاف النظري مع خصومه، طرحاً سليماً،هو ما يفسر كل سلوكه السياسي الذي يمكن
إجمال أبرز مميزاته في التالي:
1-على الصعيد الفكري:لم يقم اليسار بأي إسهام فكري يذكر
لتطوير الحركة الفكرية-السياسية المغربية.
2-على الصعيد الإديولوجي:لقد
تبنى اليسار الماركسية،لكن نظراً لأنها لم تؤسس على قاعدة فكرية صلبة،فبالتالي قد تم إفراغها من عناصرها الأكثر ثورية التي هي الصرامة العقلانية-المادية الجدلية-التاريخية،لذلك كانت ماركسية اليسار مجرد إيديولوجية ميتة بلا روح طغت عليها السطحية
والإبتذال والدوغمائية والميكانيكية.
3-حينما يكون المشروع الجديد
ماركسياً ثوريا وتميزه الإيديولوجي فعلياً،فإنه غالباً
ما يصحب هذا التمايز لقاء وتحالف. فعلى الصعيد السياسي مع الحركة التقدمية.الأمر كان معكوساً بالنسبة لليسار،إن استمرار تبنيه في الجوهر لنفس
إيديولوجية الحركة التقدمية المغربية،قد صاحبته غلى الصعيد السياسي خلافات حادة
وصلت إلى حد العداء التام معها
فاليسار لم يكن في حقيقة الأمر
سوى فصيلاً إضافياً أو تيارا سياسياً ضمن محموعة من التيارات السياسية العديدة التي تتكون منها الحركة
التقدمية المغربية،التي إن اختلفت فيما بينها من حيث
الشكل الإيديولوجي إلا أنها من حيث الجوهر تنتمي لنفس البنية الإيديولوجيا الواحدة.(2)
——–
2-عبد السلام المؤدن-إشكالية الحزب الثوري-جريدة أنوال:
يوم 03يونيو 1982