النخب السياسية في الحركة الوطنية والفرص الضائعة (2) -ذ محمد بنسعيد أيت إيدر

ننشر مقال للأستاذ محمد بنسعيد حول الفرص الضائعة في حلقات وقد سبق أن نشر في مجلة الربيع العدد المزدوج 2-3 الخاص بسؤال ” كيف يصنع المغرب نخبه ص 60 وتجدونه بعنوان النخب السياسية و الفرص المهدورة ومعلوم ان الرفيق بنسعيد حاضر كثيرا حول هذا الموضوع خاصة خلال سنتي2014-2015 .
الفرصةالثانية-:
فترة إقالة المقيم العام الجنرال كيوم في حكومة .مانديس فرانس وافلات فرصة توحيد حزبي الإستقلال والشورى
من المفيدالقيام بدراسة ميدانية لمعرفة الأسباب التي دفعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ تدابير صارمة لاقالة الجنرال كيوم قائد مؤامرة 20 غشت 1953. ومعروف آنذاك بأن الشعوب المغاربية الثالثة خاضت نضالات شعبية سياسية انتقلت بعدها إلى المقاومة المسلحة، يدفعها الطموح إلى التحرر من العبودية والاحتلال الأجنبي، ومن أجل تحقيق استقلالها الوطني والعمل على تحقيق الوحدة المغاربية، حينئذ أدركت الحكومة الفرنسية بوادر الأخطار التي ستحدق بجيوشها عندما تواجه في المعركة وحدة الكفاح المسلح تحت قيادة واحدة في كل من تونس و المغرب والجزائر. وقد سارعت حكومة مانديس فرانس قبل أن يجف مداد اتفاقية جنيف مع حركة التحرير الفيتنامية إثر هزيمة الجيش الفرنسي في ديان بيان فو إلى فتح مباحثات مع قادة كل من تونس والمغرب ودشنت هذه المرحلة بانفراج سياسي وبإطلاق مجموعة من قادة الأحزاب الاستقلا لية والعمالية بغية البحث عن مخرج سياسي يخفف عن جيوشها الكثير من الخسارات التي تصيبها هنا وهناك، كما أنها كانت تستهدف التمكن من فصل ثورة تونس و المغرب عن الثورة الجزائرية قبل أن يتجذر الكفاح المسلح المشترك ويستعصي الوصول إلى الحلول الوسطى.
وفعلا لقد تم تعيين مقيم عام جديد فتح علاقات مباشرة مع قادة الحركة الوطنية بعد انفراج استفاد منه القادة الاستقلا ليون وقادة الحركة العمالية في شروط بدأ يتجذر فيها الوعي بأهمية الكفاح المسلح. وفي شرط تحققت فيه انتصارات مهمة على الساحة المغاربية. وقد تلقت قيادة المقاومة وجيش التحرير هذا الانفراج بفرح شديد بل إن جيش التحرير ناشد القادة العائدين من المنافي والمعتقلات بالالتحاق به وتدعيم الكفاح المسلح والوصول إلى فرز قيادة سياسية محنكة تحمل مشروعا وبرنامجا محدد الافاق وخاصة آفاق الاستقلال ويكون بإمكانها انتزاع مكتسبات أقوى مما حصل. فما هي العوامل التي حالت دون اختيار هؤلاء القادة لدعم الكفاح المسلح ؟ ولماذا لم تتم الاستجابة إلا ناذرا لرغبات المقاومين الذين كانوا في ساحة النضال داخل المدن والقرى والجبال ؟والدرس الساسي هو ضياع فرصة الالتحاق وتمتين الروابط بين المقاومتين السياسية والمسلحة لقطع الطريق على التلاعب الذي قامت به القوة الثالثة الناشئة والتي عملت على إضعاف الصف الوطني السياسي من جهة و إضعاف المقاومة وجيش التحرير من جهة ثانية .