ثقافة و فن

في ذكرى رحيل الفنان الشيخ إمام : جمعية إشعاع للثقافات والفنون بالعرائش تستحضر أغانيه

نظمت جمعية إشعاع للثقافات والفنون بالعرائش بمناسبة الذكرى 29 لرحيل الشيخ إمام ، بدعم من المركز الثقافي وجماعة العرائش وجمعية قوارب الحياة ، أمسية موسيقية وغنائية يوم السبت 8 يونيو 2024 بقاعة العروض بالمركز الثقافي ليكسوس باب البحر ، حيت قدمت فرقة شمس ☀️ البشاير القادمة من مدينة مراكش باقة من أغاني الشيخ إمام ، الفرقة التي أخذت على عاتقها ، منذ تأسيسها سنة 2022 ، مهمة إحياء الثراث الغنائي والإنساني ، والمساهمة في الارتقاء بالثقافة والفنون الغنائية والمسرح والتشكيل ، وأهم ما ميز تجربتها أنها حافظت على الطابع الأصيل لإرث الشيخ إمام إيقاعا وغناء ، حيث تفاعل الجمهور الذي حضر بكثافة ، مع أغانيه بحس فني عال ، وكان بحق نجم الأمسية ، يحذوه في ذلك حنين دفين دفع البعض من عشاق ومحبي الشيخ إمام للقدوم من مدن القصر الكبير وطنجة ووزان وأصيلا والقنيطرة ومن جهات أخرى .


في معرض كلمته ، تطرق رئيس الجمعية الشاعر محمد عابد إلى دور الثقافة والفن عبر الموسيقى والغناء في نشر المحبة والسلام بين الشعوب ، على نفس النهج الذي سار عليه الشيخ إمام الذي غنى دائما للأرض والمحبة والسلام ، كما عبر باسم الجمعية عن إدانته وأسفه لما يحدث في فلسطين من مجازر وتقتيل جماعي للفلسطينيين .

النشاط كان مناسبة لرتق خيوط نوستالجية بعيدة ، وكان أيضا فرصة لاستعادة لحظاتها المشرقة وترميم الذاكرة الجماعية لأجيال من المبدعين والفنانين الذين عايشناهم بكل قلوبنا وجوارحنا كمارسيل خليفة وأميمة الخليل وأحمد قعبور والكرد وفرقة العاشقين الفلسطينية وسعيد المغربي وغيرهم .
الشيخ إمام المغني والعازف الضرير الذي أنار ظلمة الطريق للأجيال الحالية من الشباب ، فرددت أغانيه وأشعار رفيق دربه أحمد فؤاد نجم ، لتفجرها هتافات وشعارات تعلو في التظاهرات ، وظلت رغم رحيله باقية ، حيث عادت بكثافة إلى الساحات ، وتردد صداها مع أولى شرارات الربيع العربي مع انطلاق ثورة يناير 2011 في مصر ( بقرة حاحا ، شيد قصورك ع المزارع ، هوما مين واحنا مين ، عن موضوع الفل واللحم … ) .


الشيخ إمام ذاك القديس الذي عاش قابضا على جمر إنسانيته ووطنيته ، وتحمل ، طائعا مختارا ، ضريبة هذا العشق طوال حياته . في وقت كان للحن والكلمة وقعها القوي على الجمهور . لكن وبعد إجهاض الحلم بالتغيير ، تحولت الأحلام الجميلة إلى كوابيس مفزعة ، ماتت معها أشياء كثيرة ، ولدت من رحمها مخلوقات لم نعهدها ، أصبحت الٱن نجوم المرحلة من جوقة ” التافهون الجدد ” ، حيث اندثر زمن الكلمة ، وخلت الساحة الغنائية من التجارب المعنية بالأحداث السياسية الكبرى أو القضايا المصيرية ، وأصبحت الأغنية الملتزمة يتيمة بلا دعم ولا داعم .
الشيخ إمام كان فقط يغني ، تهمته الوحيدة التي تعقبت جل مراحل حياته وحاصرته رفقة الشاعر أحمد فؤاد نجم حتى داخل السجن ، حبل الغناء الذي لم يسعفهما يوما أن يكفا ويتوبا عن حب الوطن ، فالغناء بالنسبة إليهما طريق وجود . الغناء هنا ليس طرب فحسب ، بل هو سيرة مريرة لعود ولحن وقضية ، وبنفس هذه الروح غنت فرقة شمس ☀️ البشاير ، في تواشج اللحن بالكلمة ، حيث ألهبت الجمهور وجعلته يسمو ويتسامى ، ويعيش جذبته الخاصة مرددا أغاني الشيخ إمام بشكل جماعي حتى ٱخر لحظات الأمسية .


لكن رغم ما تشهده الساحة الغنائية من انحسار ، برزت تجارب شبابية متميزة ، وهم فنانون حقيقيون ، ثابتو العزم ، أصيلو الموهبة ، لم تحتويهم التفاهة والزيف والابتذال ، دأبوا على إحياء الثراث الغني للشيخ إمام ومنحه الإعتبار الذي يستحق كجزء من الذاكرة الجمعية لمرحلة تاريخية عبرت بصدق وبجرأة عن نبض الشارع ، كما عملوا على تأسيس شبكة من الجمعيات والأندية الموسيقية من محبي الشيخ إمام في كل من مصر وفلسطين والأردن ولبنان وتونس والمغرب ، اشتغلت على تطوير أغانيه بأساليب وإيقاعات جديدة باستخدام ٱلات موسيقية غربية ، كأسلوب الجاز الهادئ ، مرافقة الموسيقى مع الاحتفاظ باللحن الأصلي ، الخروج عن اللحن الأصلي للأغنية والاحتفاظ فقط بالكلمات ، الاحتفاظ باللحن الأصلي مع تعديلات بسيطة ، وتقديم الأغنية بأسلوب الكورال الجماعي .
أخيرا لم أجد من كلمات أبدع وأعمق مما كتبه ابن الشيخ البيومي في نعيه ، والذي كان يرعى الشيخ إمام حتى فارق الحياة يوم 7 يونيو 1995 ، حين قال :

أنت فيلم عربي طويل
أول سنبلة بعد سبع عجاف
بيت من قصيدة عشق مجهولة
قهوة في صباح بارد
ورائحة بخور في زقاق قديم
ستبقى أنيس ليالي الوحدة
أنت فينا
وداعا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى