وجهة نظر

التفرغ النقابي يسيء إلى سمعة المناضل ويخدش مصداقيته -عبد الحق غريب

العمل النقابي عمل تطوعي محظ… أي بالدارجة، “حتى واحد ماكيشنق عليك باش تكون مسؤول نقابي”… وكما هو معلوم ومعروف فإن النضال والتضحية قناعة وإيمان، يقتضيان تقديم التضحيات ونكران الذات… والتضحيات طبعا تكون على كافة المستويات بما في ذلك دفع الثمن غاليا (السجن، الطرد…)، من أجل مصلحة الموظفين والعمال، ومن أجل المصلحة العامة…

التفرّغ النقابي لا أدري هل ظهر منذ خلق اول نقابة بالمغرب، ام أنه ظهر مع مرور الزمن… كيفما كان الحال، يمكن القول ان التفرغ النقابي يضرب في العمق مفهوم ومصداقية النضال والتضحية…

لا يُعقل ولا يستقيم، وانت تحمل صفة المناضل النقابي بكل ما تحمله كلمة “مناضل” من معنى، ان تتقاضى أجرا شهريا دون أداء واجبك المهني بالمرة… عار…. عار يا اخي ان تصدح حنجرتك في الوقفات الاحتجاجية منددا بالفساد والريع، او ان تنتفض أمام المسؤولين مطالبا بتوفير المناصب المالية وانت موظف شبح… عار.

قد يقول قائل بأن المسؤولية النقابية تفرض ان يكون النقابي متفرّغا، أي يكون له الوقت الكامل من أجل الدفاع عن الملفات الكثيرة والحضور في كل المحطات النضالية وطَرْق أبواب الإدارات والوزارات والتنقل بين مختلف المصالح والسفر إلى العاصمة الادارية والمشاركة هنا وهناك وما إلى ذلك… لا نقول العكس، ولكن هل يقوم المسؤول النقابي بهذا العمل يوميا، طيلة الأسبوع (7/7 أيام) وعلى مدار السنة (12/12 شهرا) ؟

طبعا الجواب هو لا… لهذا يجب على الأقل، عوض التفرغ الكامل، تخفيض ساعات العمل، وتخصيص يوم او يومين في الاسبوع للقيام بالمهام النقابية، وفي باقي أيام الاسبوع يؤدي النقابي الموظف واجبه المهني.. وهكذا يكون فعلا قدوة أمام قواعده وأمام المسؤولين…

وهنا أذَكّر أن في النقابة الوطنية للتعليم العالي لا وجود للتفرغ… الكاتب العام السابق كان يشتغل ويقطن بأكادير، هو وعضوة بالمكتب الوطني، وكانا يحضران اجتماعات المكتب الوطني بالرباط أيام الإثنين (لا يتغيّبان عن اي اجتماع)، ويحضران كل الاجتماعات مع الوزارة الوصية وغيرها من أكادير إلى العاصمة، وفي نفس الوقت كانا يؤديان واجبهما المهني بجامعة ابن زهر بأكادير.. يقوما بالتدريس وتأطير الطلبة والبحث العلمي ويشاركان في الندوات العلمية، مثلهما في ذلك مثل باقي اعضاء المكتب الوطني القاطنين بفاس والدار البيضاء والقنيطرة… كان كل اعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي يقومون بالمهام النقابية بكل مسؤولية والواجب المهني بإخلاص، ويتدبّرون أمورهم في حالة ما إذا اقتضى الحال اجتماعات في الأيام الاخرى من الأسبوع دون ان يكون ذلك على حساب واجبهم المهني..

قد تكون هناك حالات تتطلب تفرغا كاملا… أكيد… وهي حالات استثنائية… ومع ذلك، يبقى العمل النقابي عمل تطوعي يتطلب التضحية، ولا يجب ان يكون مطية ل “الشوماج” المؤدى عنه…

في الأخير، لا بُدّ من التأكيد على أننا لا نقصد أحدا… نعرف أن العمل النقابي ليس سهلا وأن هناك العديد من المناضلين النزهاء والشرفاء الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل المصلحة العامة… كل ما نتمناه ونسعى إليه هو الحد من الإنتهازية والتصدي لكل من يستغل موقعه النقابي لقضاء أغراض شخصية رخيصة… خاصة وأن هناك حالات عديدة بعدة مدن أصحابها يقضون أكثر اوقاتهم بين المنزل والمقهى، في انتظار ملف او معركة، ما يسيء إلى سمعة المناضل ويخدش صورة ومصداقية العمل النقابي الشريف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى