المنتديات الإفريقية الآسوية… الصراع الجزائري المغربي في قلب صراعات مركبة

محمد يوسفي
بعد انعقاد الجلسة التحضيرية لمؤتمر تيكاد اليباني الافريقي قبل أيام، انطلقت أمس الأحد، أشغال المنتدى الاندونيسي -الافريقي الثاني، والمنتدى رفيع المستوى للشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين المنعقد في جزيرة بالي تحت شعار: “تعزيز الشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين: نحو تغيير تحويلي” والذي يمتد على مدار ثلاث أيام.
وتحتضن العاصمة الصينية بكين بعد غدٍ الأربعاء أعمال قمة “منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك)” لعام 2024، تستمر حتى السادس من شتنبر تحت عنوان “التكاتف من أجل تعزيز التحديث، وبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا”.
وأضحت المنتديات الدولية ليست مناسبة فقط لاستحضار الفرص الممكنة بين البلدان، امكانيات التعاون، والنقاش الجماعي حول تيمات معينة(التنمية؛ الأمن؛ البيئة؛ الطاقة..)، بل أضحت ملاعبا جديدة للصراع بين القوى الكبرى وكذا بين مختلف الدول المشاركة.
أي وزن لهذه المنتديات الآسيوية الإفريقية؟ وما آثارها على البلدان الإفريقية؟
حضور إفريقيا بشكل متنامٍ في عدد من هذه المنتديات، يؤشر على ما أصبحت عليه القارة السمراء من ملعب لصراع مختلف الدول الكبرى، ليس فقط حول الهيمنة والنفوذ، ولا حول المعادن الثمينة التي تزخر بها، بل يتعدى الأمر ذلك إلى كون إفريقيا تعد أحد أبرز الأسواق المستقبلية.
في ذات السياق اعتبر عبد الرحيم منار السليمي الأستاذ للجامعي والمُحلّل السياسي، في تصريح خصنا به، أن أهمية منتدى إندونيسيا وأفريقيا تكمن «في مرجعيته التاريخية اولا، لانه ارتبط بما يعرف بباندونغ ونشاة فكرة عدم الانحياز، كما انه ثانيا مؤتمر لدول قريبة من بعضها البعض الدول الأفريقية والآسيوية التي لها نفس المطالب بخصوص مايجري في النظام الدولي، لذلك يمكن القول ان المؤتمر الآسيوي الإفريقي من اكثر المؤتمرات إفرازا لنتائج ميدانية مقارنة بمنتديات او مؤتمرات اخرى، فالأمر يتعلق بتعاون جنوب – جنوب».
صراع مركب بين الاقطاب الدولية والقوى الإقليمية
وعن احتضان هكذا منتديات صراعا متعدد الأوجه، بين صراع القوى الكبرى حول النفوذ في افريقيا من جهة، وبين صراع البلدان الإفريقية داخل هذه المنتديات من جهة أخرى، يجيب منار السليمي بكون « الصراع في النظام الدولي يدور حول إفريقيا وآسيا معا، فالصراع الثلاثي حول قيادة النظام الدولي والتأثير فيه يجري بين الصين وروسيا من جهة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وهو صراع يجري في اسيا وإفريقيا».
ويضيف الأستاذ الجامعي أنه «يمكن هنا ملاحظة التواجد الأمريكي قرب الصين في اسيا وحضور الصين وروسيا في افريقيا ، إضافة إلى ان اسيا وأفريقيا مرتبطان بممرات مائية يدور صراع كبير حولها، وهناك توقعات بان الذي سيكون قادر على حسم الصراع في النظام الدولي يتوقف تموضعه على وجوده في افريقيا واسيا».
واعتبر المتحدث ذاته أنه داخل هذه المنتديات «يتزايد صراع الأفارقة انفسهم نتيجة وجود مقاربتين داخل الاتحاد الأفريقي مقاربة دول تستفيد من تأجيج الصراعات السياسية والعسكرية ومقاربة دول تنظر للقارة الأفريقية كقارة مستقبل تحتاج إلى سياسات عمومية لخلق توازن بين الأمن والتنمية».
معركة حضور البوليساريو في المنتديات الدولية بين الجزائر والمغرب
ما فتئت البوليساريو تروج لحضورها جنبا إلى جنب المغرب في عدد من اللقاءات الدولية خاصة تلك التي تحتضنها أروقة الإتحاد الإفريقي. لكن حضورها ضمن اللقاءات الثنائية بين الإتحاد والدول من خارج الإتحاد أضحى معركة انخرطت فيها الجزائر.
هذا ما اوضحته حادثة الجلسة التحضيرية لمؤتمر تيكاد اليباني الافريقي، حيث وثقتت الفيديوهات “تسلل” ممثل البوليساريو الذي كان مدعوما من الوفد الجزائري الذي تدخل عند محاولة أحد أفراد الوفد المغربي إزالة يافطة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”.
حادثة ليست بمعزولة تنظاف إلى القطيعة التي أحدثها حضور رئيس البوليساريو الى تونس ضمن ذات المؤتمر الدولي، حين تبادل المغرب وتونس استدعاء السفراء، بعد احتجاج الرباط على قيام الرئيس قيس سعيّد بتوجيه دعوة لجبهة البوليساريو لحضور قمة «تيكاد»، في حين تأسف الرئيس السنغالي الذي يتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي ماكي سال، لغياب تمثيلية المغرب عن الدورة الثامنة للقمة التي انعقدت بتونس.
واعتبر المحلل السياسي في تصريح لنا، حول تجدد هذا الصراع الجزائري المغربي، انه واضح في كل المنتديات، مضيفا أن «الجزائر لها ملف واحد هو ملف البوليساريو، وقد باتت تستخدم كل الطرق لكي يحضر البوليساريو في هذه المنتديات، مقابل ذلك توجد دول كثيرة إلى جانب المغرب ترفض حضور البوليساريو وقد لاحظنا ما وقع مؤخراً في طوكيو ، هذا الصراع الذي ينتقل الآن إلى الاتحاد الأفريقي حيث يتهيء المغرب لطرح قضية تعديل ميثاق الاتحاد الأفريقي لطرد البوليساريو وهو مايخيف النظام العسكري الجزائري ، واتوقع ان يبدا الصراع حول ملف طرد البوليساريو من الاتحاد الأفريقي بعد قرار مجلس الامن في اكتوبر القادم».