الرباط: رغم الإجهاد المائي تأبى بعض المؤسسات إلا أن تتحدى الإجراءات التقليدية
أحمد رباص
تواجه الرباط، على غرار العديد من المدن المغربية الأخرى، حالة من الإجهاد المائي الشديد بسبب ست سنوات متتالية من الجفاف. ودفع هذا السياق المثير للقلق وزارة الداخلية إلى التحرك، حيث أصدرت مؤخرا منشورا طارئا إلى ولاة وعمال جهات المملكة، سلط الضوء فيه على ضرورة اتخاذ تدابير جذرية لتجنب أزمة وشيكة.
ومن بين المبادرات التي صدرت، فرض إغلاق جزئي للحمامات والمنتجعات الصحية ومحلات غسل السيارات ثلاثة أيام في الأسبوع. بالإضافة إلى ذلك، ستشهد ألوية شرطة المياه تعزيز عملها في العاصمة لمراقبة تطبيق هذه اللوائح الجديدة عن كثب.
ويتعلق جانب آخر من هذا الدورية بتقليص تدفق المياه في الصنابير المنزلية، وهو إجراء يهدف إلى ترشيد استخدام هذا المورد الثمين الذي أصبح نادرا بشكل متزايد. بالإضافة إلى ذلك، سيتم منع استخدام المياه التقليدية والمياه السطحية وكذلك المياه الجوفية لسقي المساحات الخضراء وملاعب الجولف.
كما تعد مكافحة السحب غير القانوني للمياه من بين أولويات هذا المنشور. وبالتالي، ستستهدف السلطات بشكل خاص الحفر غير المصرح به، والآبار السرية، والموارد، وكذلك المجاري المائية وقنوات نقل المياه التي يتم تشغيلها دون تصريح. بالإضافة إلى ذلك، سيتم حظر غسل الطرق والأماكن العامة بمياه الشرب رسميا.
أما بالنسبة لحمامات السباحة سواء العامة أو الخاصة، فيمكن الآن ملأها مرة واحدة فقط في السنة، ويجب أن تكون مجهزة بنظام إعادة تدوير المياه.
ورغم أن هذه الأزمة تستدعي التضامن الوطني، يبدو أن بعض المؤسسات تتجاهل الدعوات إلى تحمل المسؤولية. إذا أغلقت العديد من الحمامات والمنتجعات الصحية أبوابها بالفعل 3 أيام في الأسبوع امتثالاً للتوجيهات الجديدة، بينما البعض الآخر يستمر في العمل وكأن شيئا لم يحدث. فالمنشآت في حي الرياض والمنزه، على سبيل المثال، لا تزال تقبل الحجوزات طوال أيام الأسبوع، في مخالفة للتعليمات الوزارية.
وقد تمكن بعض الصحافيبن من التحقق من هذا الوضع من خلال الاتصال ببعض هذه المؤسسات التي، على الرغم من الحظر، تواصل أنشطتها بشكل طبيعي تماما. ويكشف هذا الموقف غير المسؤول عن لا مراعاة صارخة للمصلحة الوطنية والصعوبات التي تمر بها البلاد.
وفي مواجهة هذا الوضع، بدأت السلطات المحلية في الرد. وبحسب بعض المصادر، فقد كثف الباشوات والقياد عمليات المراقبة في وسط مدينة الرباط وفي منطقة أكدال لمعاقبة المخالفين. ومع ذلك، يجب أن تمتد عمليات التفتيش هذه لتشمل المدينة بأكملها لضمان عدم تمكن أي شخص من الهروب من الإجراءات التقييدية المعمول بها.
علاوة على ذلك، فإن هذا التحدي الكبير المتمثل في الإجهاد المائي كان في قلب الخطاب الملكي الأخير الذي ألقاه بمناسبة عيد العرش، حيث أكد الملك محمد السادس بقوة على خطورة الوضع وأهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي؛ ألا وهو الماء.
ودعا جلالة الملك إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ومبتكرة، من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للتزود بالمياه الصالحة للشرب والسقي 2020-2027.
وشدد الملك محمد السادس أيضا على أهمية بناء السدود ونقل المياه بين الأحواض المائية وتسريع مشاريع تحلية مياه البحر، مذكرا بمحطة تحلية الدار البيضاء، الأكبر في إفريقيا، كمشروع رائد. كما يعد تطوير صناعة تحلية المياه الوطنية وتدريب المهندسين والتقنيين المتخصصين من الأولويات أيضا.
كما أكد جلالة الملك أن الحفاظ على المياه مسؤولية وطنية تشارك فيها جميع المؤسسات والمواطنين. وبهذا المعنى، دعا إلى إدارة أكثر صرامة للموارد المائية ومكافحة الهدر والاستغلال التعسفي للمياه.