صديقي يلغي الاستراتيجية الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان 2030 في تناقض صارخ مع ما سبق وصرح به في أبو ظبي
أحمد رباص
أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، يوم الاثنين سادس وعشرين فبراير من هذه السنة بأبو ظبي، أن المغرب، في ظل القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يولي أهمية كبيرة لتنمية مناطق الواحات.
وأكد صديقي، في كلمة خصصت لـ”مبادرة الواحات المستدامة”، في إطار المؤتمر الوزاري للدول المنتجة والمصنعة للتمور، أنه وفقا للتوجيهات الملكية السامية، تاسست الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان في عام 2010 كمؤسسة عامة مسؤولة عن تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة لهذه المناطق المعرضة للخطر.
وأشار إلى أن هذه الوكالة تمثل تجربة مؤسسية فريدة للحفاظ على النظم البيئية للواحات وحمايتها وتعزيزها، فضلا عن الإشراف على التنمية المستدامة والمناسبة لهذه المناطق.
وأبرز الوزير الخصائص الطبيعية والثقافية والعمرانية للواحات التقليدية التي تمكنها من وضع نفسها كأنظمة إيكولوجية ذات إمكانات سياحية عالية، وتتمتع بقدرات إنتاجية فلاحية غنية ومتنوعة، بالإضافة إلى تنوعها من حيث الحيوانات والنباتات.
وبعد سرد المعوقات التي من المحتمل أن تخل بتوازن هذا النوع من النظم البيئية في جميع أنحاء العالم، بما فيها العزلة وتآكل التربة وندرة المياه أو حتى خطر التصحر، أكد الوزير على أهمية تكثيف الجهود لوضع تدابير وقائية أكثر فعالية وحلول كفيلة بتمكين الواحات من مواجهة هذه المعوقات والتكيف مع التحديات الطارئة.
واقتناعا منها بأهمية تعزيز العمل المشترك في هذا المجال، أطلقت المملكة المغربية، بمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22) المنعقد بمراكش سنة 2016، مبادرة الواحة المستدامة التي تهدف إلى تكريس الاعتراف بالتغير المناخي والحفاظ عليه وتطويره. واشار صديقي أيضا، بهذه المناسبة، إلى الاقتراح الداعي إلى إنشاء ائتلاف من الأطراف المعنية بمسألة الواحات، بما فيها السلطات الحكومية والمنظمات الجهوية والدولية، وممثلي المجتمع المدني.
لكننا نرى حاليا نفس الوزير يقرر، بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار، إلغاء الاستراتيجية الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان 2030، عن طريق الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، خلال اجتماعها المنعقد بتاريخ 2 غشت 2024 بمدينة أرفود، التي قررت إنهاء العقد رقم 21/2021/ANDZOA، دون أن تبرر وزارة الفلاحة خلفيات القرار في بيان صحفي آنذاك.
ورغم أن المشروع جعل من الوكالة رافعة شاملة لتنمية مناطق الواحات والأركان بعد أن تبين من خلال المؤشرات أن هذه المناطق تسجل عجزا كبيرا في التنمية على كل المستويات خلال الزيارة التاريخية للملك لهذه المناطق سنة 2010، إلا أن وزير فلاحة اختار هذا التوقيت بالذات لإلغاء هذه الاستراتيجية التي رصدت لها الملايير دون أن يكشف عن مصيرها، وهل سيتم تحويلها إلى برامج أخرى لدعهما أم أن عملية الإلغاء ليست فقط سوى إعادة تقييم البرنامج.
ويرى متتبعون أنىهذا الإلغاء قد يعاكس الإرادة الملكية التي جاء على أساسها إحداث الوكالة الوطنية لتنمية الواحات لمساعدة الساكنة الفقيرة والهشة.
وفي ذات السياق، قالت البرلمانية فاطمة الزهراء باتا عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، في سؤال موجه للوزير محمد صديقي، أن هذا القرار خلف استياء واسعا، لكونه يتعارض وبشكل واضح مع طموحات سكان هذه المناطق الفقيرة ومع دور الوكالة التي اعتبرها المشرع رافعة شاملة للتنمية المحلية، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
وأكدت النائبة البرلمانية أن هذا الإلغاء يعرض الوكالة لتحديات كبيرة في ضوء دعم محتمل من المؤسسات المالية الدولية، مشروط بوجود استراتيجية عمل مناسبة.
وساءلت البرلمانية الوزير عن مبررات هذا الإلغاء في ظل الحاجة الملحة لتنمية هذه المناطق الفقيرة.