البوزياني أحمد جمال باسم مجموعة معتقلي مراكش 1984 في فعاليات ندوة تمارة حول الاعتقال السياسي والرعاية اللاحقة للمفرج عنهم التي نظمها الحزب الإشتراكي الموحد تمارة
يوم26/10/2024.
بداية اشكر للرفاق في الحزب الاشتراكي الموحد تمارة على تنظيم هذا اللقاء الهام.
يمكن تناول تجربة مجموعة مراكش مرحلتين متداخلتين ،بحيث يمكن اعتبار الاولى اساسا ماديا للثانية :
-1-يمكن تحديد البداية الزمنية للمرحلة الاولى مند نهاية 1996 ،بعد الافراج عن جميع الرفاق والصدام الفعلي اليومي مع نتائج ومخلفات واثار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي كنا ضحايا لها ،وتحت الضغط الحاد والقاسي للوضعية الاجتماعية والصحية للعديد من الرفاق وتفاقمها اليومي المستمر ،بدأ النقاش والتفكير الجماعي ينتظم ويتبلور ويتلمس قضية ” القمع السياسي والأشكال التي مورس بها في بلادنا ” في أبعادها الشمولية ومستوياتها المتعددة ،بدءا من الاعتقال التحكمي والاختطاف والاختفاء القسري والنفي والاعدام خارج القانون ،في ارتباط جدلي مع الاثار والمخلفات والنتائج الملموسة المادية التي خلفها هذا القمع لدى الضحايا :اضرار اجتماعية وصحية جسيمة وتزداد تفاقما واستفحالا يوما عن يوم . ان هذا القمع السياسي وبالأشكال التي مورس بها شكل شرخا عميقا وتدميرا جذريا لحياة الضحايا برمتها ،حيث اغتصب الفترة الأهم في حياتهم وقطع الطريق أمام كل فرص التعلم والترقي في هذا المجال ،كما قطع الطريق أمام كل فرص الوصول الى أساسيات ومقومات بناء حياة مستقرة في مرحلة مبكرة.
على هذا الأساس ،تم التأكيد على المواقف المبدئية التالية في العديد من ادبياتنا:
– أن القمع السياسي في المغرب بمختلف أشكاله كان ممنهجا ومنظما وشاملا شمل الضحايا المباشرين وأسرهم ومحيطهم الاجتماعي وامتد ليشمل المجتمع برمته ،أي تعميم الرعب على شعب بكامله .
– أن هذا القمع الممنهج كان أداة مركزية وأساسية للدولة لسحق أي معارضة مستقلة حتى لو كانت برأي أو موقف.
على أساس هذا الوضوح في الرؤيا والتصور لقضية القمع السياسي وأسبابه ونتائجه ،اتجهنا خلال سنة 1997 نحو التعبير عن مواقفنا من مجموعة من التطورات كما اتخذنا خطوات عملية يمكن اختزالها كالتالي :
– التوجه نحو تأسيس اطار تنظيمي (رابطة المعتقلين السياسيين السابقين والمختطفين والمنفيين بجهة مراكش)وتهييئ وثائقه القانونية ( القانون الاساسي والقانون الداخلي ،والتقريرين الادبي والمالي وباقي الوثائق وتوجيهها الى السلطات المعنية) في 15 اكتوبر 1998 مع الدعوة لبناء وطني يلم شتات الضحايا( انجزنا ورقة في الموضوع).
– رفض مقاربة اللجنة التحكيمية ورفض التعامل معها .
– بلورة مذكرة مطلبية تخص المجموعة تضم مطالب مستعجلة تخص الادماج الاجتماعي والتغطية الصحية ورفع العراقيل الادارية مع التأكيد أن هذه المطالب تعالج جزءا من الاضرار وليست كلها، ولا علاقة لهابأي مسار للتعويض وغيره.
– الانخراط بفعالية في المبادرات الهادفة الى بناء اطار وطني يوحد كل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والمشاركة في كل المحطات التحضيرية لتأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والانصاف لان قضية القمع السياسي قضية واحدة من حيث الجوهر والطبيعة والسياق والنتائج.
2- الانخراط بفعالية نشطة في المؤتمر التأسيسي للمنتدى( الحصول على تمثيلية داخل اول مجلس وطني ) وفي أشغاله ولجانه (خصوصا لجنة البيان العام) ،حيث تم تبني جزء من مقاربتنا لقضية القمع السياسي وأشكاله وتبني مطالبنا المستعجلة عبر التأكيد على أن الحل العادل والمنصف لملف الضحايا يمر عبر “المعالجة الاستعجالية للأثار الجسيمة التي خلفها القمع السياسي لدى الضحايا بدءا بتوفير التغطية الصحية الشاملة للمرضى ودوي العاهات الجسيمة وتوفير شروط الادماج الاجتماعي ” البيان العام.
– الانخراط الفعال في دينامية تأسيس الفرع المحلي للمنتدى بمراكش واطلاق الصيرورة النضالية لمسيرتنا من أجل مطالبنا المستعجلة الخاصة بالإدماج الاجتماعي والتغطية الصحية ورفع العراقيل الادارية بقوة اكبر ،والتي ابتدأت سنة 2000 بإصدار بيانات الى الراي العام الوطني والدولي والتواصل مع الهيئات السياسية والحقوقية من أجل التعريف بقضيتنا وكسب الدعم والمساندة. وقد عملنا مند البداية على ارساء قواعد علاقة نضالية صلبة قائمة على التشاور والتنسيق المستمرين مع المنتدى والجمعية والمنظمة المغربيتين لحقوق الانسان، كما قمنا بوقفتين احتجاجيتين امام البرلمان في هذه السنة شاركنا احداها الفقيد ادريس بنزكري عن المنتدى وبنعبد السلام عبد الاله عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان.كما دخلنا في اضراب لا محدود عن الطعام بتاريخ 15 يونيو 2001 دام 24 ساعة تم على اثره عقد لقاء مع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان آنذاك الذي اكد التزام الحكومة بتسوية ملفنا المطلبي ،اضافة الى عقد لقاء تاني مع والي مراكش بدون ان تتم اجرأة الالتزامات والتعهدات المعبر عنها مركزيا ومحليا الى اجراءات ملموسة .
ثم عاودنا من جديد مراسلة جميع الجهات المعنية مركزيا ومحليا ،ووجهت كلها بالتجاهل التام ،الأمر الذي أرغمنا على الدخول مجددا في اضراب لا محدود عن الطعام مصحوبا باعتصام امام وزارة حقوق الانسان ابتداء من 17/06/2002 الى21/06/2002 بعد المؤتمر الاول للمنتدى الذي تبنى بالإجماع توصية بدعمنا ومساندتنا ،وقد تميزت خطوتنا الاخيرة بالحضور والمشاركة النشطة والفاعلة لهيئة المتابعة المنبثقة عن المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المغرب في كل جولات الحوار التي جمعتنا بوزير حقوق الانسان والتي تمخضت عن التزامات صريحة للاستجابة لملفنا المطلبي برمته.
وبعد مضي خمسة شهور وفي ظل غياب أي مؤشر على ترجمة الوعود والالتزامات السابقة الى اجراءات ملموسة ،استأنفنا حركتنا النضالية باعتصام مفتوح امام وزارة حقوق ابتداء من 23/12/2002 الغاية 08/01/2003 لندخل بعدها اضرابا لامحدودا عن الطعام ابتداء من09/01/2003 الى غاية 14/01/2003 أسفر عن النتائج التالية :
-توصلنا بقرارات توظيف تسعة من رفاقنا :05 في وزارة التربية الوطنية و03 في وزارة السياحة و01 في وزارة الصناعة التقليدية .
-ارجاع الرفيق الحسين باري الى عمله وتسوية وضعيته الادارية والمالية والتسوية المالية لوضعية الريق جمال بنيوب وتكييف وضعه الاداري مع الشهادة المحصل عليها .
– تسلم ضمانة مكتوبة (رسالة من وزير حقوق الانسان الى وزير الفلاحة )في شأن استقرار الرفيق م الطاهر الدريدي في عمله عند اعادة هيكلة سوجيطا .
– تعبير الوزارة الاولى عن استعدادها لمعالجة الاوضاع الصحية للمجموعة بكل متطلباتها وخصوصا الحالات المرضية المزمنة والبحث عن صيغ لمعالجة وضعيتها الاجتماعية بشكل يحقق لها الكرامة مخ تفويض هيئة المتابعة بتدبير ومتابعة المضوع مع الجهات المعنية.
لكن وبعد التحاقنا بالقطاعات المعنية فوجئنا بالعديد من التراجعات افرغت المكاسب المتحققة من مضمونها الفعلي :
1 –الغاء التوظيف المباشر لخمسة من رفاقنا في وزارة التربية الوطنية وتعويضه بالتوظيف التعاقدي مع تجميد تسوية وضعيتهم المالية لقرابة الخمس سنوات
.2 –عدم تسوية الوضعية المالية لرفيق اخر بنفس الوزارة بالتلاؤم مع الشهادة المحصل عليها رغم صدور قرار واضح لرئيس الحكومة في الموضوع .
3-التنصل من الالتزام بإدماج رفيقين اخرين في الوظيفة العمومية .
4-عدم معالجة الاختلالات في السلاليم الادارية المتدنية بالنسبة لرفاقنا في السياحة والصناعة التقليدية .
5-التنصل من الالتزام بتوفير التغطية الصحية لكل افراد المجموعة.
على اثر كل هذه المستجدات والتراجعات ،عاودنا الاتصال بكل الجهات المعنية عبر مراسلتها والاتصال بهيئة المتابعة وتسليم مذكرة تفصيلية بمطالبنا الواضحة (تنفيد جميع قرارات السيد رئيس الحكومة الخاصة والأخذ بعين الاعتبار مسالة التقاعد والفرص المفوتة والعمل على اجرأة الترتيبات الخاصة بها اداريا وماليا والتفعيل الجدي لقرار التغطية الصحية مع تنفيد وقفة احتجاجية امام المجلس الاستشاري لحقوق الانسان يوم 31/10/2006 .
واستمرت مجموعتنا في التحرك والنضال من أجل تسوية العديد من الاختلالات التي طبعت عملية ادماجنا الى حين تسوية الوضع الاداري والمالي لرفاقنا في وزارة التربية الوطنية والاصال سواء باللجنة الجهوية لحقوق الانسان في مراكش او المجلس الوطني في الرباط دون تحقيق اي نتائج ملموسة تأخذ بعين الاعتبار مسالة الفرص المفوتة علينا بفعل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان سواء في التعلم ومراكمة المؤهلات او في بناء اساسيات حياة مستقرة جديرة بهذا الاسم في سن مبكرة .
على اساس ما سبق ،أطلقنا مبادرتنا النضالية الحالية من أجل معالجة حقيقية لوضعيتنا على اساس المعايير الكونية لجبر الضرر استنادا للقانون الانساني الدولي أي عملية جبر متكاملة ، وذلك باحتساب اثر رجعي لإدماجنا يمتد الى تاريخ الافراج عن كل واحد منا بكل النتائج المترتبة عن ذلك اداريا وماليا سواء للعاملين او المتقاعدين ، مع العلم أن الدولة قد عالجت حالات مشابهة استنادا الى نفس المعايير .
ان هذه القضية هي جوهرية ومصيرية بالنسبة لنا خصوصا على ضوء تجربتنا الملموسة مع هذا الادماج الجزئي والناقص والذي كان بمثابة عقاب وانتهاك جسيم لنا ولأسرنا.