تحقيق “عدالة هشة” أحكام غير رادعة لمرتكبي جرائم هتك العرض بحق قاصرين بالمغرب
يكشف التحقيق عن صدور أحكام قضائية "مُخففة" بالمغرب في قضايا اغتصاب أطفال، أو ما يعرف بـ "هتك عرض قاصر"، بالإضافة إلى صدور أحكام مع وقف التنفيذ، ما يُعرقل تحقيق العدالة بحق الجناة، ويصيب أهالي الضحايا بالإحباط، ويدفع بعضهم لعدم اللجوء إلى المسار "القانوني"، خوفاً من "الوصم المجتمعي".

أمال كنين -10 فبراير 2024 –أنجز هذا التحقيق بدعم من أريج، وبالتعاون مع هسبريس.
فتاة بعمر الـ 15 عاماً (ف.ب)، كان يراودها حلم الالتحاق بالشرطة، لكن سرعان ما تبخر حلمها بعد تعرضها “لاغتصاب متكرر”، أصبحت بعده أُمّاً لطفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات.
كانت (ف.ب) فتاة تحب الحياة والرياضة، تعيش بإقليم طاطا جنوب شرقي المغرب، دفعها ذلك الحب للالتحاق بالنادي النسوي لكرة القدم، وهي بعمر 13 عاماً. وبحكم ذلك النشاط الرياضي، تعرفت إلى مساعد المدرب (أ.ن)، البالغ من العمر حينها 24 عاماً.
تقول (ف.ب) إنه ذات مرة، بعد انتهاء أحد التدريبات المسائية، اقترح عليها (أ.ن) أن يقوم بتوصيلها إلى منزلها، فوافقت ظناً منها أنه بدافع “الحرص والشهامة”. وتضيف: “في الطريق، أقدم على اغتصابي، فحاولت دفعه مرات عديدة؛ لكنّه نجح بالنهاية في تحقيق مراده، انهرت حينها بالبكاء، فوعدني بالزواج شريطة ألا أخبر أحداً بما حدث”.
ووفق (ف.ب)، تمادى الجاني في استغلالها؛ فإما أن ترضخ لرغباته الجنسية المتكررة، أو يخبر أهلها بما حدث بينهما.
سرعان ما انتشرت أخبار العلاقة الجنسية بينها وبينه، خاصة بين “الذكور” الذين استغلوا صغر سنها وضعف عائلتها؛ فالأم تعمل مساعدة في البيوت لتعول أطفالها الأربعة، أما الأب فمصاب بمرض “عقلي”. نتيجة لهذا الوضع، تزايدت التهديدات على الفتاة الصغيرة، فبدأت تتلقى رسائل من أشخاص آخرين يرغبون في ممارسة الجنس معها، مقابل “مبالغ مالية”، أو إبلاغ والدتها بما تخفيه.
صُدمت والدتها بعد معرفتها أن “طفلتها الصغيرة” حامل في الشهر السادس. رفعت الأم دعوى قضائية ضد مساعد المدرب وشخص آخر، وأسفرت التحقيقات عن استدعاء ستة آخرين، من بينهم أحد الأقارب، متزوج ولديه ثلاثة أبناء. وتم استبعاد اثنين منهم؛ الأول لوفاته والثاني لصغر سنه، ثم قضت المحكمة الابتدائية بسجنهم جميعاً عاماً واحداً، وتم رفع مدة الحبس خلال الاستئناف إلى أربع سنوات.
كما وثق التحقيق، تضارب الأقوال بين محضر الدرك وتصريحات الضحية ووالدتها؛ إذ تصران على أن مساعد المدرب (أ.ن) هو مَن فضّ غشاء بكارتها، لكنّه يُنكر هذه الاتهامات، رغم صدور حكم قضائي ضده.
تقول الأم إن الحكم لم يكن منصفاً، وأضافت: “أنا لا أقبل هذا الحكم، لا أريد منهم أن يتزوجوا ابنتي ولا أيّ شيء، أريد فقط أن أضمن حقها وأن نعرف أب الرضيعة حتى لا يضيع مستقبلها هي الأخرى”.
اغتصاب أو هتك عرض
قضية (ف.ب)، هي واحدة من قضايا كثيرة عُرضت على المحاكم المغربية خلال السنوات الخمس الماضية. حصلنا على قائمة بياناتها من موقع “محاكم المغربي”، ورصدنا أكثر من 25 ألف حكم كانت تهمة “هتك عرض قاصر”؛ من بين التهم الواردة فيها سواء كانت الضحية ذكراً أو أنثى.
تحليل البيانات يكشف عن تباين كبير في الأحكام ووجود خلل في تطبيق النصوص القانونية وتشديد العقوبات. فعلى سبيل المثال، بعض القضايا تتطلب تشديد العقوبة استناداً إلى النصوص القانونية؛ إلا أنها جاءت بخلاف ذلك.
كما صدرت أحكام مخففة بشكل لافت، مثل السجن لسنة واحدة في قضية اعتداء أب على طفلته القاصرة ذات الإعاقة العقلية، مع الإشارة إلى تنازل المطالب بالحق المدني كعامل مُخفِّف، وهو ما يثير تساؤلات حول أولويات حماية الضحايا في مثل هذه الجرائم. بالإضافة إلى تكرار نمط الأحكام موقوفة التنفيذ، ناهيك عن الأحكام الغيابية التي تُشكل تحدياً إضافياً للعدالة؛ إذ يبقى بعض الجناة فارين من العدالة، ما يهدد تحقيق الردع.
يقول عبد الرحيم الجمل، المكلف بالنشر والتواصل بالمكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، إن المشرع المغربي عرّف الاغتصاب، على أساس أنه مواقعة رجل للمرأة من دون رضاها، لكنّه لم يُعرّف هتك العرض، بل تركه مفتوحاً بأنه “كل مساس لغايات جنسية غير مشروعة بجسد الإنسان”، وبالتالي قد لا يتطلب الأمر الممارسة الجنسية، وإنما فقط مداعبة عضو حساس أو لمس عضو، ما يُعد هتكاً للعرض، وفق الجمل.
أما عدنان المتفوق، عضو المكتب التنفيذي المكلف بالتواصل والإعلام بنادي قضاة المغرب، فيقول إن المشرع المغربي عندما تحدث عن هتك عرض قاصر ولم يتحدث عن اغتصاب قاصر، قد وفر قدراً أكبر من الحماية لهذه الفئة. ويضيف: “مجرد القيام ببعض الأفعال الجنسية؛ كلمس الضحية في بعض المناطق الحساسة يُعد هتك عرض قاصر، وهذا فيه نوع من الحماية لهذه الفئة”، مشيراً إلى أن المشرع المغربي تعامل مع اغتصاب قاصر كظرف من ظروف التشديد في جريمة الاغتصاب.
لكن ما يعدّه القضاة الذين تحدثنا معهم حماية لمصلحة الطفل، تراه عائشة الكلاع، محامية ورئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، “تمييزاً لا أساس قانوني له”. وأضافت أن العنف الجنسي هو اغتصاب؛ سواء كانت الضحية طفلاً أو امرأة أو شاباً. وترى أن المشرع “حَكَمته الخلفية السائدة في المجتمع المغربي، لا سيّما الدينية”.
أحكام مخفّفة
تُحدد الفصول، من 484 إلى 488 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، العقوبات المرتبطة بقضايا هتك العرض والاغتصاب، وتقضي بالسجن من سنتين إلى ثلاثين سنة. لكن ضمن قائمة البيانات التي حصلنا عليها صدرت أحكام أقل بكثير من الحد الأدنى المذكور في النصوص القانونية؛ أحكام تقل حتى عن عقوبة الحبس لشهر واحد، ناهيك عن إصدار أحكام بالسجن غير النافذ؛ فبلغت نسبة الأحكام الموقوفة، التي تتخطى السجن لمدة عام، 15 في المئة، وذلك على مستوى محاكم الاستئناف.
من ضمن شروط التشديد في جرائم هتك العرض، أن يكون الجاني من أقرب المقربين كالأب مثلاً، وبالتالي يُتوقع صدور أحكام بالسجن تفوق خمس سنوات في مثل هذه الحالات. لكن ضمت قائمة الأحكام الاستئنافية 44 حكماً في جرائم هتك عرض أطفال، وكان الجاني فيها هو أحد الأصول، ومع ذلك جاءت الأحكام بالسجن في تسع قضايا منها بأقل من خمس سنوات.
السجن سنة واحدة، هي مدة العقوبة بحق “أب” اغتصب طفلته القاصرة، التي تعاني “إعاقة وضعفاً في قواها العقلية”، بعد تنازل المطالبة بالحق المدني.
من بين الأحكام أيضاً، السجن لعامين مع وقف التنفيذ في قضايا تمّ تكييفها على أنها “هتك أو محاولة هتك عرض قاصر، أو من ذوي الإعاقة من دون عنف”.
توجهنا بالسؤال لعدد من الخبراء القانونيين بالمغرب عن أسباب إصدار أحكام مُخففة، في جرائم من هذا النوع، فكان الجواب أن هناك مساحة ممنوحة للقضاة للحكم بما “يرونه مناسباً”، بما تقتضيه “ظروف التخفيف” و”تفريد العقاب”.
وهذا ما أكده عدنان المتفوق، عضو المكتب التنفيذي المكلف بالتواصل والإعلام بنادي قضاة المغرب، بأن القانون يمنح القاضي هذه المساحة وفق قاعدة معمول بها في جميع دول العالم؛ إذ لكل متهم عقوبة شخصية بناء على ظروف وملابسات حالته التي لا يمكن أن تنصرف إلى شخص آخر، وبالتالي فإن هذه الظروف هي التي تسمح للقاضي أن يفرد عقاباً لكل متهم.
وأضاف: “هذا فضلاً عن ظروف التخفيف المنصوص عليها في القانون الجنائي في الفصل 146 وما بعده؛ إذ هناك ظروف وملابسات ترتبط بالقضية، وهي ما تسمح للقاضي بالنزول عن الحد الأقصى وإمكانية جعل العقوبة موقوفة التنفيذ”.
ويشرح عبد الرحيم الجمل، المكلف بالنشر والتواصل بالمكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، أن القاضي يأخذ بعين الاعتبار عدداً من المعطيات للقيام بهذا الأمر: “شخصية المجرم ومساره، هل هو مثلاً ما زال يتابع دراسته؟ هل هو رب أسرة؟ وأيضاً ظروفه الاجتماعية، ومدى خطورة الفعل الذي ارتكبه”. وأكد أن ظروف التخفيف لا علاقة لها بالظروف الاقتصادية، بل تراعي المحكمة ظروف المتهم الاجتماعية وأيضاً خطورة الفعل والضرر الذي لحق بالمجني عليه أو عليها.
في المقابل، دعا محمد أوماست أزكوك، وهو محامٍ مقبول لدى محكمة النقض، إلى ضرورة “إعادة النظر في طريقة المحاكمات، أو تفعيل المادة 82 لحماية الضحايا”؛ معللاً ذلك بأن عدداً كبيراً من الضحايا ينحدر من القرى والجبال، وبالتالي لا تكون لديهم الإمكانيات المادية الكافية لتوكيل محامٍ، مضيفاً: “مثلاً نجد أن المتهم في الجنايات عندما لا يريد أن يكلف محامياً للترافع عنه، تعين له المحكمة من تلقاء نفسها، يعني إلزامية تعيين المحامي في الجنايات، لكن بالنسبة للضحية ليس مُلزماً، ولا يمكن للمحكمة أن تنوب عنها”.
عقوبات مع وقف التنفيذ
لا تخلو قائمة البيانات التي حصلنا عليها من عقوبات موقوفة التنفيذ، أو أحكام تقضي بتسليم الحدث لوليه، في حال كان الجاني أيضاً قاصراً، ناهيك عن أحكام تقتصر على الكفالة فقط.
بالمحاكم الابتدائية تم إصدار 176 حكماً بحق أحداث، ارتأى القاضي “تسليمهم لولي أمرهم”، إلا في حالة واحدة تم وضع الجاني الحدث في مركز حماية الطفولة. كما قضت محاكم الاستئناف بأكثر من ألف ومئة حكم بالبراءة.
كما أن الأحكام الغيابية التي تصدر بحق أشخاص قد يظلون فارين من العقوبة، تُمثل تعطيلاً لتنفيذ العدالة. وأصدرت المحاكم الاستئنافية 534 حكماً غيابياً، و271 حكماً آخر بالمحاكم الابتدائية.
قضية “ف أ” واحدة من القضايا التي حُكم على المتهم فيها بالسجن غيابياً، ولم يتم اعتقال الجاني حتى تاريخ نشر هذا التحقيق، مع أن وقائع القضية تحمل بعضاً من ظروف “التشديد”.
“ف أ”، كانت بعمر 14 عاماً حين تم اغتصابها واستغلالها جنسياً؛ ما نتج عنه حمل وولادة. حكمت المحكمة على الجاني بالحبس ثلاث سنوات سجناً نافذاً، وغرامة مالية قدرها 35 ألف درهم (نحو ثلاثة آلاف و500 دولار أميركي) في المرحلة الابتدائية، وظل الحكم نفسه في درجة الاستئناف، لكنّ الجاني لم يسجن ولو ليوم واحد رغم صدور الحكم النافذ.
ترجح تفاصيل القضية إلى عام 2014، تروي “ف أ” تفاصيل ما حدث بالقول: “هو ابن منطقتنا (م.ز) ولم أكن أتحدث معه إطلاقاً، لا أعرف كيف اعترضني في يوم من الأيام حين كنت أرعى الماشية، وأخبرني برغبته في أن تكون بيننا علاقة، ووعدني بأن يكون دائما جانبي، وقال إنه يشفق على حالي ووضعي، أخبرته أنني أرغب في مغادرة الدوار والذهاب إلى مكان بعيد، فعرض عليّ المساعدة شرط الامتثال لأوامره”.
تؤكد الضحية أن “م ز”، البالغ من العمر 22 عاماً، استغلها جنسياً مرات عديدة، بعدها غادر المنطقة وأخبرها أنه توجه للجيش. وتضيف: “بعد مرور أربعة أشهر، توجهتُ للطبيب وأخبرني أنني حامل في الأسبوع 21، توجهنا للدرك بشهادة طبية، حينها فُتح تحقيق وتم إحضاره، وبسؤاله هل أنت والد الجنين؟ أقر بوجود علاقة معي، لكنّه أخبر الشرطة باحتمال أن يكون الجنين ابن شخص آخر”.
استطاع “م ز” أن يفلت من قبضة الدرك بحيلة اختراع “صلح وهمي”، إذ لجأ والده إلى أبناء القبيلة وتوجهوا لبيت والد الضحية بذبيحة، مقيمين ما يسمونه طقس “رمي العار”، وطلبوا الصلح وتعهد والد الجاني كتابياً بأن يزوج ابنه للفتاة القاصر بمهر خمسة آلاف درهم (نحو 500 دولار أميركي)، ومؤخر صداق 30 ألف درهم (نحو ثلاثة آلاف دولار أميركي)، وعلى هذا الأساس تنازل والد الضحية وأُطلق سراح الجاني.
وخلال الجلسة الأولى، سأل القاضي أهل الضحية حول الإجراءات المتفق عليها ودياً، فأخبروه أنه أتى لخطبتها وتعهد بزواجها، ثم سأل القاضي مجدداً عن إتمام الدعوى أو إسقاطها، فطلب أهل الضحية إسقاطها وأُطلق سراحه؛ لكنّه في اليوم نفسه فر هارباً.
لجأت الأسرة إلى رفع الدعوى مجدداً، لكن حُكم عليه غيابياً ولم يتم العثور عليه حتى تاريخ نشر التحقيق.
تعيش “ف أ” اليوم مع طفلها الصغير البالغ من العمر عامين وبضعة أشهر (حتى تاريخ نشر هذا التحقيق) رفقة عائلتها، وتنتظر يوماً أن يخبروها بإلقاء القبض على مُغتصبها “بأسرع وقت ممكن”.
وتشير عائشة الكلاع، محامية ورئيسة جمعية حقوق الضحايا، إلى أنه لا يزال في المحاكم المغربية قضاة يسألون في مثل هذه القضايا حول إذا ما توصلت أسرة الضحية والجاني إلى تنازل ما؛ رغم “المعارك الحقوقية” من أجل إلغاء الفصل الذي يقضي بتزويج المغتصَبة من مغتصِبها.
وتُرجع ذلك إلى ما سمّته “بالخلفيات الاجتماعية والدينية… حتى القاضي الذي من المفترض أن يُشجع على التبليغ هو ابن بيئته”.
هتك عرض قاصر بعنف أو من دون عنف
ما يسهم أيضاً في تخفيف العقوبة، هو التفريق بين هتك العرض بعنف ومن دون عنف؛ للاعتقاد بأن الأولى تتم من دون رضا القاصر، في حين الثانية “يُفترض” أنها تتم برضا الضحية، ذكراً كان أو أنثى.
أقرت محكمة النقض، في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2023، قاعدة تقضي بأن “كل ممارسة جنسية واقعة على ضحية قاصر، تُعد هتك عرض بعنف، انسجاماً مع مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، التي تعتبرها مجرد طفلة غير مكتملة النضج البدني والعقلي، يجب حمايتها من جميع أشكال العنف المادي والمعنوي، وأن تعرضها للتغرير والاستدراج والوعد الكاذب والاستغلال التعسفي من قبل المتهم الراشد، يُعد إكراهاً معنوياً من شأنه أن يُهدم إرادتها الناقصة، ويشل أيّ مقاومة لديها بالنظر لفارق السن بينهما”.
زواج القاصر من مغتصِبها
أعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تشرين الأول/أكتوبر 2022، تقريراً بعنوان “عدم الإنصاف من العنف يُعدِم الإرادة الإنسانية للمرأة”، كشف أنه رغم تدخل المشرع لإلغاء الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي -التي كانت تُستخدم كوسيلة لمنح العذر المعفي من العقاب في حالة زواج المغتصَبة من مغتصِبها- يستمر اللجوء إلى خيار إسقاط الدعوى في قضايا الاعتداءات الجنسية ضد الفتيات، في حالة تقديم المتهمين عقود زواج بالضحايا، اللائي يتنازلن عن الدعاوى.
ويشير عبد الرحيم الجمل، المكلف بالنشر والتواصل بالمكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، إلى أن الصلح قد يتم خارج المحكمة، مؤكداً تعقيد هذا النوع من القضايا، التي يغيب فيها “التأكد من رضا أو موافقة الضحية على الزواج من مغتصِبها”.
وتطالب منظمات مدنية بضرورة وضع “مقاربة شاملة” هدفها حماية الطفل المغربي.
كما طالبت عائشة الكلاع، محامية ورئيسة جمعية حقوق الضحايا، بوضع “مدونة لحماية الأطفال على جميع المستويات”، لحمايتهم ليس فقط من العنف الجنسي بل من كل ما يمكن أن يؤذيهم.
وأشارت إلى أن نسب الاعتداءات الجنسية على الأطفال أعلى بكثير من الأرقام المُعلنة؛ معللة ذلك بأن أغلب الضحايا وأسرهم لا يبلغون عن هذه الجرائم خوفاً من “الوصم المجتمعي”.
أحكام مشددة
تضمنت قائمة الأحكام التي حصلنا عليها خمسة أحكام تقضي بالمؤبد في قضايا اغتصاب الأطفال؛ فلم يقتصر الجناة في هذه القضايا على هتك عرض الأطفال ذكوراً كانوا أم إناثاً، بل تجاوزوا ذلك إلى حد ارتكاب جناية “القتل العمد”.
هذه القضايا ليست مجرد أحداث فردية، بل هي اختبارات حقيقية لمدى قدرة العدالة على حماية الفئات الأضعف في المجتمع.
أنجز هذا التحقيق بدعم من أريج.