قناة تنوير

يوسف بلال: الصهيونية ليست امتدادًا لليهودية بل نتاج أزمة أوروبية​

 عزيز الحنبلي -متابعة

في مداخلة فكرية خلال الجامعة الربيعية لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي انعقدت بمدينة الجديدة بين 18 و20 أبريل 2025، قدم الباحث المغربي يوسف بلال، الأستاذ السابق بجامعتي كولومبيا وبيركلي والمتخصص في الأنثروبولوجيا، قراءة مغايرة لجذور الصراع في غزة، مفككًا العلاقة بين الصهيونية واليهودية.

وأوضح بلال أن الصهيونية نشأت في أوروبا أواخر القرن التاسع عشر، كرد فعل على فشل الدولة القومية في استيعاب الأقليات، خاصة بعد انهيار الإمبراطوريات الكبرى. فقد أدى تفكك هذه الإمبراطوريات إلى بروز مشكلات تتعلق بالهوية والانتماء، مما دفع بعض الأقليات، ومنها اليهود، إلى البحث عن حلول قومية خاصة بهم.

كما انتقد بلال السردية الغربية التي تصوّر الصراع في فلسطين كصدام بين “الحضارة اليهودية-المسيحية” و”الهمجية الإسلامية”، مشيرًا إلى أن هذا التصور حديث النشأة، وتبنته أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بدافع الشعور بالذنب تجاه الإبادة النازية لليهود. واعتبر أن الصهيونية استغلت هذا التصور لتقديم إسرائيل كامتداد للغرب في مواجهة الإسلام.

يذكر ان بلال دعا إلى إعادة إحياء مفهوم الحضارة اليهودية-الإسلامية، مستشهدًا بشخصية الفيلسوف ابن ميمون الذي كتب مؤلفاته بالعربية، كمثال على التعايش الثقافي والديني بين اليهود والمسلمين في التاريخ الإسلامي. وأكد أن هذا النموذج الحضاري تم تهميشه بفعل السياسات الاستعمارية التي سعت لمحو الذاكرة المشتركة بين الشعوب.

شدد بلال على ضرورة التمييز بين اليهودية كدين والصهيونية كأيديولوجيا سياسية استعمارية، مشيرًا إلى وجود تيارات يهودية واسعة مناهضة للصهيونية. ودعا القوى اليسارية والتقدمية إلى الانفتاح على هذه التيارات وبناء جبهة مشتركة معها، تستند إلى قراءة جديدة للتاريخ وتصور مختلف للمستقبل.

أشار بلال إلى أن نقد علاقة الهيمنة بين الشمال والجنوب لم يعد كافيًا، بل يجب إعادة التفكير في شكل الحياة المشتركة على هذا الكوكب، خاصة بعد أن أدت الحداثة الغربية، بكل ما تحمله من تقدم علمي وسياسي، إلى تدمير الإنسان والبيئة.

في الاخير وجب الاشارة الى ان هذه الرؤية التي قدمها يوسف بلال تسلط الضوء على أهمية فهم جذور الصراعات من منظور تاريخي وثقافي، وتدعو إلى تجاوز السرديات التقليدية التي قد تعيق بناء مستقبل مشترك قائم على التعايش والاحترام المتبادل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى