مجتمع

اغتصاب الطفولة يسائلنا بين هزالة العقوبات وجرأة الجناة..المغرب وسط عتمة

محمد جرو /تنوير
مازلنا تحت وقع صدمة اغتصاب طفل. وأين؟ ومن الفاعل؟ بموسم مولاي عبد الله أمغار اقليم الجديدة من طرف 14 وحشا بشريا تناوبت على بريء، حتى صعقت بخبر أكبر ربما بالنظر لمكان وقوعه مما يتطلب انتفاضة عارمة ومساءلة عاجلة وتدخلا للمنظمات الحقوقية خاصة من “ماتقيس ولدي”وغيرها …إنه إغتصاب بمؤسسة المفروض أنها من مؤسسات التنشئة الإجتماعية د، المجتمع المصغر: المخيم وبالأطلس ياحسرة ..
فقد أفادت مصادر موثوقة، بحسب صحيفة نقلت الخبر ونشر على صدر صفحة خاصة بأنشطة وزراة المهدي بن سعيد، الوصية على قطاع التخييم ،للزميل الحاج محمد الهبري،”أنّ مصالح الدرك الملكي للمركز القضائي بازرو أقدمت على اعتقال مؤطرين إثنين بأحد المخيمات الصيفية بمنطقة رأس الماء، التابعة لإقليم إفران، وذلك عقب واقعة اغتصاب تعرض لها قاصر داخل المخيم”.
وتضيف ذات المصادر أن التفاصيل تعود “إلى ضبط مدير المخيم لأحد المؤطرين متلبساً بارتكاب الجريمة في حق أحد الأطفال النزلاء، حيث جرى توقيفه على الفور وإشعار السلطات المختصة. كما تمّ اعتقال مؤطر آخر بعدما تبيّن أنّه كان على علم بما يرتكبه زميله ولم يبلغ عن الفعل الجرمي.
وقد تمّت إحالة الموقوفين على أنظار السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمكناس، حيث وجهت لهما تهمة هتك عرض قاصر. وأودعا سجن تولال …صدمة الآباء و الأمهات وفعاليات مدنية لن تندمل جروحها إلا إذا ذهبنا جميعا إلى أبعد حد في هذا الموضوع..ولنطلع على تقارير رسمية دون الحديث عن المسكوت عنه بحكم طبيعة المجتمع الصامت ..
فحسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، سُجّل سنة 2019 أكثر من 24 ألف حالة عنف جنسي، بينها آلاف تخص قاصرين.جمعية “ما تقيش ولدي” سجلت أن المغرب يعرف سنويًا حوالي 900 إلى 1000 حالة اغتصاب أطفال يتم التبليغ عنها، بينما الرقم الحقيقي أكبر بكثير بسبب الصمت والخوف والعار.منظمات حقوقية تؤكد أن 70% من المغتصبين يعودون لارتكاب جرائم أخرى بسبب العقوبات المخففة التي نادرا ما تتجاوز بضع سنوات.
وإذا أطلعنا على الأحكام فأقل مايمكن أن نقول أنها “ضعيفة أمام هول وقوة الفعل لعلاقته بالجانب النفسي الذي يخزن الحدث الذي قطعا تصبح له تداعيات شخصية وقد تنسحب على العام ..وهي أحكام هزيلة تُكرّس الإفلات من العقاب..
فرغم أن القانون الجنائي المغربي ينص على عقوبة تتراوح بين 5 إلى 30 سنة في حالات الاغتصاب (خاصة إذا تعلق الأمر بقاصر)، إلا أن الواقع يخبرنا بأحكام “ناعمة” قد لا تتجاوز ثلاث سنوات في كثير من الملفات، وغالبا ما تُخفّف بدعوى “الظروف المخففة” أو “غياب دلائل كافية” رغم تقارير الطب الشرعي…
هذه الهوة بين النص القانوني وتطبيقه،وبحكم انتمائي للجسم الحقوقي ،سواء داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ،وقد سجلت سابقا رفقة رفاقي في الفرع المحلي للطنطان ،أثناء تحملي لرآسة الفرع كوارث في حق الطفولة ،ثم كعضو في اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان گلميم طانطان باسم الصحافة ،هذا هو الذي جعل المغرب في مرمى انتقادات المنظمات الدولية، التي ترى أن العدالة الجنائية المغربية تتساهل بشكل خطير مع المعتدين، ما يفتح الباب أمام تكرار الجرائم ونبهنا في تقاريرنا لمثل هذه الأمور التي تتطلب حزما وصرامة ،وليجعل كل مسؤول تلك الطفلة أو ذلك الطفل ابنته أو ابنه …
نحن من نصنع بيئة للتسيب،ومساحات لزرع الرذيلة فماذا سنحصد وماذا سنجني ؟عندما يُطلق سراح مغتصب بعد بضع سنوات، فإنه يعود إلى المجتمع كوحش حرّ ،عندما يرى الجناة أن العقوبة “ساهلة” تتحول الجريمة إلى مغامرة قابلة للتكرار ،عندما يُعامل الضحية كـ”مذنبة” بسبب نظرة المجتمع، تترسخ ثقافة الصمت، ويستمر المغتصب في الانتشار.
هنا والآن ،المغرب ،ولاأحبذ هذا المصطلح ،لأنه استهلك كثيرا ،”في لحظةمفصلية”والأصح في متاهة مفترق طرق واحدة منها تخرجه إلى كوة نور نرى فيها كرامة طفل وحرية تنقل طفلة وحق في ترفيه بمخيم وبكل أمان ،لأننا أصبحنا نخشى بعد هذا الفعل الجرمي المشين (إغتصاب طفولة خاصة بمخيم)غير واثقين من شعارات قبل تنظيم أي برنامج تخييمي وغيره تكسره وقائع رب قائل بأنها “معزولة”ولا “تنظروا”للكأس الفارغ وووو
نحن في حاجة لمراجعة بنيوية وجذرية، فإما أن نواصل سياسة “التساهل”ومبررات واهية وكاذبة، وبذلك نرمي الأطفال وسط غابة ذآب بشرية تتغذى على ضعف القانون، وإما أن يعلن بوضوح أن جريمة الاغتصاب لا تقل خطورة عن القتل، لأنها قتل للبراءة والطفولة والمستقبل.
تشديد العقوبات إلى السجن المؤبد في حالات الاغتصاب الجماعي أو اغتصاب الأطفال.وإلغاء أي إمكانية لتمتيع المغتصبين “بـظروف التخفيف”
ثم العمل على “پوانتاج”أو تنقيط للمغتصبين، لمنعهم من العمل في أي مجال فيه تواصل مع الأطفال.
أخيرا ولضعف وقلة الطب النفسي للأسف الشديد ببلادنا وجب توفير على الأقل طبيب مختص بجهاات المملكة12 التي تنظم بها مراحل تخييمية بغاية مرافقة الضحايا نفسيا واجتماعيا، بدل تركهم فريسة للعار والصمت..
فضلنا صفقات كبيرة بمبالغ سمينة، لإنشاء مراكز للتخييم والسوسيورياضية د، وننظم مهرجانات عالمية نغدق فيها على “لبراني”ملايير وفي كل المداشر والقرى وتركنا مستقبلنا وهم طفولتنا عرضة للنهش والعار وطفولة منكمشة خائفة ،وربما هي من ستسير دواليب الدولة غدا وهي تحمل آثارا نفسية جراء هذا المرض الفتاك ،فكيف سيكون مغربنا غدا غير عاكس لصورة خدشت فيها براءة الطفولة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى