اخبار دولية

قمة شنغهاي: بكين وموسكو ترسمان ملامح «نظام دولي جديد» وتلوّحان بـ«تعددية حقيقية»

عزيز الحنبلي-متابعة

قدّمت الصين وروسيا خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون رؤية مشتركة لنظام عالمي بديل، تمزج بين عروض تحفيز اقتصادي ورسائل سياسية حادّة ضد ما تصفانه بالهيمنة وسياسات القوة. شدّد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أنّ «الحوكمة العالمية وصلت إلى مفترق طرق جديد»، داعياً إلى اتخاذ موقف واضح ضد الهيمنة وممارسة «تعددية أطراف حقيقية»، ومشيراً إلى أنّ بكين ستقدّم حوافز مالية إضافية للدول المتحالفة مع المجموعة بما يوسّع نفوذها عبر أدوات التمويل وربط البنى التحتية وسلاسل الإمداد بالاقتصاد الصيني. وردّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الطرح، مؤكداً أنّ منظمة شنغهاي أرست أساساً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً لتشكيل نظام جديد يضمن الاستقرار والأمن في أوراسيا، مع التعهّد بـ«إحياء التعددية الحقيقية» في مواجهة الاستقطاب الدولي.

وتزامناً مع القمة، بعثت بكين برسالة قوة إلى الداخل والخارج عبر عرض عسكري ضخم في الذكرى الثمانين للانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية؛ كُشف خلاله عن قدرات متطورة تشمل أنظمة ليزر وصواريخ باليستية ذات حمولة نووية ومسيّرات بحرية ضخمة تحت الماء، بما يعكس انتقال الصين إلى مقاربة تقوم على المزج بين القوة الصلبة وأدوات النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي.

تنبع أهمية هذا التناغم الصيني–الروسي من جملة دلالات: اقتصادياً، تُعد العروض المالية بوابة إلى شبكات تمويل وتجارة بديلة تقلّص اعتماد بعض الدول على القنوات الغربية؛ وجيوسياسياً، يفتح التقارب الباب أمام توازنات قوى جديدة في أوراسيا مع انعكاسات على ترتيبات الأمن الإقليمي والممرات الاستراتيجية؛ ونقدياً/مالياً، قد تتسارع تجارب التسويات بعملات محلية بما يحدّ من مركزية أنظمة الدفع الغربية؛ وأمنياً، يرفع استعراض القدرات منسوب الردع ويؤشر إلى سباق تكنولوجي/عسكري أشد وطأة في مجالات الصواريخ والذكاء الاصطناعي والأنظمة غير المأهولة.

وعلى مستوى الاتجاهات المقبلة، يرجَّح تعميق أطر منظمة شنغهاي عبر آليات مقاصة وتمويل مشاريع عابرة للحدود وبرامج للأمن السيبراني والطاقة، مع بروز اصطفافات أوضح تُحاصر هامش المناورة لدى الدول «المتأرجحة» بين شبكات الغرب والبنى المؤسسية التي تعيد بكين وموسكو تشكيلها. وقد تتحول آسيا الوسطى والمحيطان الهندي والهادئ إلى ساحات اختبار لقياس فاعلية هذه «التعددية الحقيقية» على الأرض.

الخلاصة أنّ بكين وموسكو تجمعان بين خطاب أيديولوجي مناهض للهيمنة وحزمة أدوات اقتصادية وعسكرية لفرض واقع مؤسسي جديد. وإذا تحوّل هذا الزخم إلى سياسات تشغيلية داخل منظمة شنغهاي، فقد نشهد إعادة توزيعٍ لثقل القوة والنفوذ عبر أوراسيا وما بعدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى