مجتمع

جيل زيد 212: بين أولويات الشباب وأجندة الاحتجاج الجامعة – مصطفى المنوزي

عادة ما يُطرح السؤال حول القيمة المضافة التي يسعى أي جيل إلى إبداعها في مسار التراكم النضالي والاجتماعي. وبالنسبة إلى الحالة المعلنة تحت مسمى موفانس جيل زيد 212، يبدو أن التركيز انصبّ على مطلبين رئيسيين هما: الصحة والتعليم.
لكن المثير أن هذين المطلبين، رغم أهميتهما وراهنيتهما، لا يشكلان بالضرورة أولوية قصوى بالنسبة للفئة الشبابية نفسها، التي يُفترض أن مطلب التشغيل يمثل عمودها الفقري، أي شرط الحرية العملية لهذا الجيل الطامح إلى التميز والاستقلالية. كما أنّ الصحة والتعليم يخصّان مجموع الفئات المجتمعية، وليس فقط الجيل المعني، ما يجعل الاختيار هنا محلّ تساؤل حول خلفياته: هل يتعلق الأمر بتكتيك مرحلي، يروم استقطاب التعاطف الشعبي عبر التركيز على قضايا جماعية جامعة؟
إلى جانب ذلك، يمكن أن نتساءل: لماذا لم يرفع الجيل شعار المساواة والحرية، بما لهما من انسجام مصلحي وراهني مع تطلعاته؟ بل إن هذين المبدأين يخضعان بدورهما لمنطق التفاضل والأسبقية، كما هو النقاش الأبدي بين الهوية والحرية، على شاكلة السؤال: من يسبق، الحصان أم العربة؟
يبدو أن ما يحدث أقرب إلى تكتيك عابر، قابل للمراجعة والتعديل بعد أيام من انطلاق الموجة. ومن ثم يصعب تسميتها “حركة” بالمعنى التنظيمي المستقر، بقدر ما هي حالة نضالية عارضة، ستخضع لاحقًا للتطوير أو الانطفاء، حسب تجاوب السلطة العمومية وموازين الضغط الاجتماعي.
وقد يكون السبب في اختيار الصحة والتعليم هو السعي إلى بناء جسر مع بقية الشرائح المجتمعية، قبل الانتقال تدريجيًا إلى رفع مطالب أكثر ارتباطًا بالجيل، مثل: الحرية، المساواة، العدالة، والكرامة. وهي نفس المطالب التي شكّلت جوهر حراك 20 فبراير 2011.
غير أن الإشكال الأعمق يتمثل في أنّ الخط العام للموفانس غير مسطَّر بدقة، بل يخضع لتقلبات الأحداث والظروف، بما يجعله ضمن خانة الارتجال في فضاء اللايقين. وإذ يغيب عن المشهد وضوح القيادة الفكرية أو السياسية، يبقى السؤال معلقًا: هل نحن أمام جنين حركة جديدة قادرة على إبداع سرديتها الخاصة، أم مجرد موجة احتجاجية ستذوب بمجرد تراجع الزخم أو تبدل السياق ، وعلى الخصوص أن إنطلاق المتابعات والمحاكمات قد يجعل المطالب متحورة وتنحصر في طلبات الإفراج عن المعتقلين ، حيث يفتح النقاش البين حقوقي ، كما جرت العادة تاريخيا ، حول ما إذا كان المعنيون معتقلي رأي أم معتقلين سياسيين ؛ هذا التحول هو أحد أكبر المخاطر التي تهدد أي حركة احتجاجية، حيث تفقد زخمها الجماهيري وتتحول من قضية مجتمع شامل إلى قضية فئة محددة وتضمحل معها وبعدها مبادرة جيل زيد 212؟
وللموضوع بقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى