وجهة نظر

المدني والسياسي:مساحة العلاقة وحيزات الامتصاص بقلم. عبد الله أنحاس. الجزء الثاني

ب -الوجه الثاني:تفصح عنه صيغةالتقاطع الحاصلة بين الخطاب المدني والخطاب السياسي للسلطة،باعتباره يقع ضمن طائلة وعيها(السلطة)بالحاجة الاضطرارية-لا الاختياريةـ”للمجتمع المدني”،ولعل ذلك مايولد الانطباع لدى المرء بوجوب التعامل اليقظ والحذر مع ما يصدر عن هذا النوع من الخطاب ،ضمن سياق هذاالقول،تواجه المحلل شبكة اسئلة متضافرةذات طابع مفارق:

لماذا اهتزت الأطر التحتية لصورة السياسة ولبعض محدداتها بوجه ادق،في حين سجلت التشكيلات الجمعوي المؤسسة لصورة المدني تقدما ملحوظا على الصعيد الميداني؟وفي المقابل،لماذايقضم المدني من حيزات السياسي،في حين يخترق السياسي متونل المدني؟ثم لماذاينقسمان من واحد بكيفية تجعل سؤال العلاقة عصيا على بناء نوع من الفواصل الميدانية؟ما الذي يجعل الفاعل السياسي يسجل تقابلا
متوازنا مع الناشط المدني ضمن بعض المحطات؟وكيف يمكن تفكير نوعية المفارقة العميقة القائمة على وجود راي عام مدني قوي ،في مقابل راي عام سياسي ضعيف؟وهل ثمة إمكانية تسمح بخوض معركة تحرير المدني من السياسي من الاستتباع؟لماذا تتيح القضايا القومية والوطنية العادلة للشعب والامة حيزا متقدما من حيزات تشكيل وعي مطابق لسؤال علاقة مطبوعة
بالتوازن بين المدني والسياسي؟واخيرا،لم يتوسل السياسي-ضمن بعض المحطات ـ شرعيته عبر استدعاء المدني،فيما يجترح المدني لغته في التوازي مع السياسي؟..
اسئلة تحمل “متناقضات”عدة،لكنها جزءا مركزيا من شرعيتها عبر محاولتها حلحلة ما نعتبره أحزمة بياض وثخوم رمادية ،تحيط بمجالين للنشاط والممارسة الاجتماعية المتخصصة ذات الطبيعة المتفاوتة:

العمل المدني مقابل الممارسة السياسية التي تفترض البساطة والدقة في الاداء،وعلى الرغم من كونها يتقاطعان على مستوى بعض المقاصد العامة،مثلما هو حاصل مع الكسب النسبي لرهان تنمية الوعي بالدفاع عن حقوق الانسان في وجه انقلاب أجهزة السلطة وتغولها،الا انهمايتباينان من حيث نوعية التشكلات الذاتية التي تطبع تخصصات حقليهما ،ومايطرحانه من اسئلة مشتركة او مختلفة ومن انشغالات ومقاصد ورهانات محددة/موحدة او متغايرة.

الحقل الاول(المدني)وثيق الصلة بمحيط الاني واليومي،وباحتياجاته واسئلته المباشرة التي تهم باالمواطن،بينما يتصل الحقل الثاني (السياسي)بالشان
العام وباساليب تدبيره ،وباساليب تدبيره.بتعبيراته المؤسساتية المهيكلة.

نعتقد أن تحليل ظاهرة اجتماعية في تعدد صورها -كالتي نحن بصددهاـ ينبغي ان تمر بالضرورة عبر استدعاء المحلل لعنصر معرفي اجرائي،لتطعيم مقاربته واضفاء طابع العلمية عليها.نقصد بالاساس وجوب الانفتاح المتفاعل مع عناصر المعرفة السوسيولوجية في احدث تراكماتها،بتطوراتها وانجازاتها وفتوحاتها النظرية- الميدانية.
ان تجنب هذا النمط المتخصص من المعرفة، غالبا ما يجعل المقاربة لا تستقيم من الناحية الموضوعية والمنهجية،كما تظل اسيرة عطب تجنب عنصر البحث
السوسيولوجية باعتباره سؤالا علميا متخصصا.

في الاسئلة المعلقة:
في سياق هذاالحديث نرى ان التعاطي مع الاشكال،ينبغي ان يتم انجازه في توسل متلازم مع تقنيات السؤال المذكور ومع آليات اشتغاله:والملاحظة
المباشرة- الملاحظة بالمشاركة- صياغة الاسئلة-
الإستمارة…اضافة لاليات اخرى تساعد بشكل اعمق على فهم الظاهرة.ضمن هذا الصدد ينبغي التذكير بأنه من الناحية الأبستمولوجية هناك خطأ شائع يعتبر
الإستمارة -مثلاـ مسألة تقنية،في حين أنها احدى اشتراكات بناء السؤال العلمي،اذ تدخل في إطار افتراضات واضحة، ومؤشرات واضحة،ومسلمات
واضحة ايضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى