ثقافة و فن

“الحشيش ضرورة”-د.الطيب النقر

    محمد عبدالوهاب، ذلك الفتى الشامخ، الذي لم يترنح تحت ثقل ذلك العبء الباذخ، توفي والده، وترك له رسالة كافية، شافية، لم يكن هو يحتاج إلى سواها، يوصيها فيها بأمه، وشقيقاته، ومحمد المنتصب القامة،  القوي الساعدين، حوى وجهه بيان كل شيء، فقد كان بارز الجبين، واسع العينين، أزج الحاجبين، أقنى الأنف، أسيل الخدين، ضليع الفم، رقيق الشفتين، ورونق وجهه هذا، وقسامة تقاطيعه، جعلته قبلة للعواطف والأهواء، والميول، فلم يخرج جماله مطلقاً، حتى بعد أن أزف على الستين،  خارج دائرة الوجدان، والعاطفة، عند الفتيات،  فالبنات في منطقته، كان يجمعهما رابط واحد، وهو محبته، والتدله في عشقه، ومحمد الذي قد عرف كل شيء، وأحاط بكل شيء، لم يكن يعنيه هيام الفتيات به، وسعيهن الدائب، لايقاعه في شباكهن، فلم يرضخ لامتزاج متصل، واختلاط دائم، يجمعه بهن، كان هاجسه هو، أن يتصدى لتلك الأزمات، من جميع وجوهها، لأجل ذلك، طوى صفحة النساء عن حياته، وصمد أمام مغريات كثيرة، يحتاج سردها لاستشهاد طويل، ومكث على هذا الحال، حتى نهض بمهمته على أكمل وجه، و استقرت كل واحدة من شقيقاته الثلاث في بيتها، واستأثرت بقلب زوجها، بعدها رضخ محمد، لنصيحة صديقه” عصام سراج”، الماركسي المتعجرف، الذي ألحّ عليه في أمر الزواج، فتزوج محمد من “حد الزين” المرأة التي كان لا يخفي اعجابه بها، وإكباره لها، لقد كان زواج محمد من حد الزين، موضع نقاشات حامية من علماء النفس، وأهل الفضول، في تلك الناحية، فما أن انتشر الخبر، وتسامع به الناس، حتى انتشرت معه حدة التفاوت، بين وسامة الزوج، ودمامة الزوجة، وبقيت حد الزين القبيحة، المشوهة، التي تتناغم فلسفتها المادية الجامحة، التي تجحد أطر الدين، مع إلحاد زوجها، على العهد الذي قطعته لمحمد، فلم تسعى أن تستحوذ على عقل زوجها، وتسيطر عليه، وتركته يتعثر في دقائق” الحشيش” وتفاصيله، ومهما يكن من أمر هذا “البنقو” الذي تبغض رائحته، فهي تنتظر مساهماته في عتمة كل ليلة، لرفع معنوياتها، وذلك عندما يحتويها زوجها “المسطول” بين ذراعيه، ويهمس في أذنها، بأنها أحلى إمرأة في الوجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى