اخبار دولية

بصاروخها الفريد من نوعه تقول روسيا لأمريكا: نحن لسنا دولة تلقنينها دروسا في العلاقات الدولية

أحمد رباص ـ تنوير
أعلنت روسيا، يوم 21 أكتوبر الحالي، أنها أجرت بنجاح الاختبار النهائي لصاروخها كروز من طراز بوريفيستنيك الذي يعمل بالطاقة النووية. وبالفعل، يعمل الصاروخ الفريد من نوعه بالدفع النووي الحراري. وكان من الممكن أن يقطع مسافة 14 ألف كيلومتر في خمس عشرة ساعة وسيكون قادرا على تفادي الدفاعات المضادة للصواريخ. ما الذي يغيره هذا الاختبار؟ ولماذا تتواصل روسيا الآن وقد جعلت الحرب على أوكرانيا في الخلفية؟
للإجابة عن هذه الإسئلة، أجرت جريدة رقمية فرنسية مقابلة مع يانيك كيو، مدير مجموعة الأبحاث والمعلومات حول السلام والأمن.
أول سؤال طرحته الجريدة على ضيفها: كيف نفهم الإعلان الروسي عن الصاروخ الذي يعمل بالطاقة النووية؟
في جوابه، قال يانيك إن الفرط صوتي أو الدفع النووي طرحا تحديات جديدة ولكنها هامشية في ما يتعلق بالردع النووي ككل. لم يتأثر أسلوب تشغيل الردع النووي طالما يمكن اعتراض الصواريخ العابرة للقارات بطريقة أو بأخرى. لكن تطبيق هذه التكنولوجيات الجديدة ينطوي على مخاطر، وخاصة مخاطر التأويلات الخاطئة. يجب أن نفطن إلى منطق التنبيه، إلى منطق التواصل في الردع النووي، لأننا في الواقع أمام أنظمة (فرط صوتية أو تعمل بالطاقة النووية) يمكنها حمل شحنة نووية وشحنة تقليدية.
لذلك عندما تكون هدفًا لهذه المنظومة، يصبح من الصعب تحديد ما يستهدفه بالضبط، سواء كان هجوما تقليديا أو هجوما نوويا. ولن ترد بنفس الطريقة في كلتا الحالتين. وهنا سوف يتم الحفاظ على التمويه الذي ينطوي على الخطر. وهنا يتأثر الردع النووي.
السؤال الثاني: يقول الروس إن الصاروخ الذي يعمل بالطاقة النووية قادر على تفادي الدفاعات المضادة للصواريخ. ما رأيك؟
جوابا على هذا السؤال، قال المدير: ذلك لا يلزم سوى أولئك الذين يؤمنون به. هناك العديد من التصريحات من الجانب الروسي حول هذه التكنولوجيا، وحول افتراض كونها لا تقهر. ويبقى من اللازم إثبات ذلك. تتميز أنظمة الاعتراض الأمريكية بالكفاءة، كما أن أنظمة الكشف والإنذار الأمريكية هي الأكثر تقدما في العالم.
السؤال الثالث: كيف يمكننا إذن أن نفسر الدعاية الروسية المحيطة بالتجربة الناجحة للصاروخ الذي يعمل بالطاقة النووية؟
قال يانيك: يفسر ذلك في المقام الأول من خلال الاتصالات التي تجريها روسيا بشأن أبحاثها وتطويرها وإنجازاتها حيث تكون أول من يصنعها ويتواصلون عنها بشكل علني […] هذا ببساطة لتذكيرنا بأنه إذا واجهت روسيا صعوبات هائلة مع أجهزتها التقليدية، فهناك مجال واحد تظل فيه قوة عظمى، وهو المجال النووي.
إنه منطق التواصل. قد نرغب في احتقار روسيا، وربما نرغب في السخرية منها وانتقاد الطريقة التي أدارت بها بشكل سيء للغاية الأيام الأولى للتدخل في أوكرانيا، وتتذكر الحكومة الروسية – حتى قبل بدء الصراع في أوكرانيا – أن الردع النووي هو عنصر أساسي في هذا الصراع. هذا هو مبدأ “الملاذ العدواني”: أسمح لنفسي بالتدخل في أوكرانيا وأبقي جميع حلفاء أوكرانيا المحتملين خارج الصراع حتى يخافوا من وضع الحرب لأنني قوة نووية مهيمنة على هذا الكوكب. هناك معادل واحد فقط، وهو الولايات المتحدة.
وتتذكر روسيا هذا المنطق وتعيده إلى الوطن لأغراض التواصل الداخلي ولأغراض التواصل الخارجي، […] كما حدث أثناء الحرب الباردة. إنه شيء من الحنين إلى القوة العظمى التي تريد أن تُحترم على هذا النحو، والتي تلهم الخوف في نفوس أعدائها وتجعل الناس فخورين داخليا من خلال تذكيرنا بأن التسعينيات قد انتهت، وأن روسيا عادت إلى العمل كقوة مهيمنة مع إتقان تكنولوجي يظل موضع تقدير كبير، حتى لو كانت هناك، على العكس، تحديات تكنولوجية وهندسية هائلة تواجهها.
السؤال الرابع: هل هذا هو السبب الوحيد؟
يجيب يانيك: البعد الآخر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار هو الرزنامة. تم إلغاء اجتماع بودابست، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة قوية إلى حد ما على روسيا. إننا نشهد تراجعاً أو حتى إعادة تنظيم لسياسة دونالد ترامب استمراراً لما فعله جو بايدن سابقاً. وفي هذا السياق، تشهر موسكو أفضل ما لديها، ورقة قوتها النووية.
تذكر روسيا الولايات المتحدة بأنها لا تتحدث مع دولة عادية. هذه ليست فنزويلا، وهذه ليست دولة أخرى يتم تلقينها دروسا حول العلاقات الدولية. إنها قوة عظمى، بل قوة نووية خارقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى