تعيش ESEF بالجديدة أزمة حادة غير مسبوقة، نتيجة تراكم اختلالات تدبيرية وبنيوية جعلت منها عنوانا بارزا لسوء الحكامة داخل الجامعة.
وتعود جذور الأزمة إلى فترة الرئيس السابق للجامعة، حين أُثيرت تساؤلات عديدة حول طريقة تدبير المدرسة وآليات اتخاذ قرارات التعيين داخلها، إلى جانب الجدل الذي رافق التعويضات الإدارية والتنقلات، خاصة تلك المرتبطة بالمدير السابق.
وتشير مصادر جامعية إلى أن علاقة الصداقة المتينة التي جمعت بين الرئيس السابق ومدير المدرسة السابق والمدير الحالي لعبت دورا في رسم معالم المشهد الإداري داخل المؤسسة، وتحويل هذه الأخيرة إلى فضاء مغلق تحكمه الولاءات بدلا من التنافسية والشفافية.
في ظل هذه الأجواء، يواصل المدير الحالي غيابه شبه الدائم بسبب تنقله اليومي بين الجديدة والدار البيضاء، ما أصبح عاملا إضافيا في تأزيم الوضع، إذ أصبحت الكاتبة العامة تضطلع فعليا بمهام التسيير اليومي، في ظل غياب المدير المتكرر، ما خلق حالة من التباس السلط داخل المؤسسة.
ورغم كل هذه الصعوبات، يواصل الأساتذة الباحثون أداء مهامهم البيداغوجية بتفان ونكران ذات، حرصا منهم على ألا تؤثر الأوضاع المتوترة على تكوين الطلبة ومسارهم الجامعي.
للأسف الشديد، انعكس استمرار سوء التسيير على الجو العام داخل المدرسة، فازدادت حدة الاحتقان وتدهورت الثقة بين الإدارة والأساتذة.. وهو ما دفع المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي إلى إصدار أربعة بيانات شديدة اللهجة منذ شهر يونيو الماضي، عبر فيها عن استيائه من الأوضاع السائدة داخل المؤسسة، ومنددا بما وصفه ب “الارتباك الإداري وغياب الحكامة”.
كما أعلن المكتب المحلي عن خوض مجموعة من الأشكال النضالية، من بينها مقاطعة الأنشطة البيداغوجية، وتنظيم وقفات احتجاجية أمام إدارة المدرسة ورئاسة الجامعة، ومقاطعة اجتماعات الهياكل الجامعية، بل وخوض إضرابات للضغط من أجل الإصلاح (إضراب يومه الاربعاء 29 اكتوبر تتخلله وقفة احتجاجية أمام الرئاسة).
مع الإشارة إلى انه في جميع هذه البيانات الأربعة، تم التأكيد بشكل واضح على مطلب رحيل الكاتبة العامة باعتباره مدخلا أساسيا لإعادة الهدوء والتوازن إلى المؤسسة.
ومع تفاقم الأزمة واستمرار غياب الحلول، تبرز أسئلة جوهرية لا يمكن تجاهلها :
هل يتعلق الأمر بعجز إداري وشخصي في تدبير الأزمة، أم أن هناك جهات ما تستفيد من إبقاء الوضع على حاله وتسعى إلى تأجيج التوتر والاحتقان داخل المدرسة؟
ما الغاية من كل هذا الإصرار على تعقيد الوضع وتفجيره في هذا التوقيت بالذات، في مؤسسة يفترض أن تكون نموذجا في التسيير الرشيد والتكوين الأكاديمي المسؤول؟
هل الهدف صرف الأنظار عن تدبير ميزانية المدرسة وضبط المناصب المالية؟
أم أن الهدف خلق واقع مضطرب يبرر تدخلات أو قرارات مرتقبة؟
أسئلة مفتوحة تضع الإدارة والرئاسة والنقابة الوطنية للتعليم العالي أمام مسؤولية كشف الحقيقة ووضع حد لأزمة تهدد المؤسسة، لا أن تتحول إلى أداة لصراعات ومناورات تهدد مستقبل الطلبة واستقرار المدرسة.