يفترض مع جون دستوري أن عهد السرديات الكبرى قد أفل، محاولا إعادة الإعتبار للهامش و لسنة الإختلاف، لا الخلاف ، مع الحداثة وما بعدها، عوض إلغاءها. وهو الرأي الذي نجده عند علماء الإقتصاد والاجتماع النقديين والمدافعين اليوم عن الأنتروبولوجيا العربية المابعد-حداثية، أكان عند سمير أمين، الإقتصادي العالم- ثالثي المنتصر والمؤسس- بمعية آخرين-لطروحات المركز والهامش، من ذي قبل، أو مع ع. الله حمودي، اليوم، من أجل سوسيولوجيا عربية، الخ.
ومن المعلوم أن منطق الإختلاف ليس بالضرورة هو منطق الخلاف ولا الفتنة. وهو لا يلغي حتما منطق الصراع الإجتماعي والعالمي الموضوعي. قد تكون علامات الفتنة قاءنة اليوم قبل الغد، إذ يكفي ملاحظة الظروف الموضوعية لأغلبية الشعب، حتى يتضح أنها قاءمة، ومنذ زمان.
كما أن الثقافة الشعبية ليست بتاتا بريءة أو محايدة ولا نقية ومقدسة، وإنما تتقاطع فيها مفاعيل السلطة الحاكمة و مفارقات الهوية والمعنى وإزدحام وتنافس وتنافي القيم.
ثم أنه من الأليق أن نعرف ولو بعجالة مفهوم التنوير أولا ( أنظر تعريفات القسم الأول من هذه الهندسةالموضوعاتية الإجتماعية)، وأهمية الأخذ والوعي به في موضوع تطبيقي ذو راهنية عملية حارقة: التنمية الحضرية، كمثال، بما تقتضيه طبيعتها من جدلية الهدم والترحيل والبناء للحواضر العصرية الفارهة والفارقة،في محيط عمراني و مزاج قروي مثقل بالتأخر القروسطي والتهميش والتساقطالمدوي لفاءات عديدة من طبقات كانت -لحد البارحة- في مستوى إجتماعي أعلى،ثانيا.. لإعادة تشكيل المعاني والمقولات،وتغييرها وتحويلها وحتى مسوخها….
وإذ نتفق مع أنطونيو غرامشي، والذي إشتغل مليا على الجنوب الإيطالي الفقير، في الكثير مما تناوله، فإن الثقافة الشعبية في بلادنا تعكس تصورات ومعتقدات الطبقات/ الطغمة الاجتماعية الخاضعة، وهي في جوهرها تعبير عن شروط حياة هذه الفئات العريضة والمغبونة. ومع ذلك، فهو ينتقدها، لأنها غالبًا ما تكون غير منظمة وغير متماسكة، ميتافيزيقية ومكتوبية…، مما يجعلها عرضة للاستيلاء على وجدانها من قبل الثقافة المهيمنة. ويعكس الفولكلور، الذي هو جزءً من الثقافة الشعبية، شروط حياة الشعب الثقافية، و من الممكن أن يقف بالسليقة في تعارض مع التصورات الرسمية والثقافة المسيطرة. كما يمكن أن يشكل مادة خام وحس سليم بن من أجل التغيير.
كما تعتبر الثقافة الشعبية عموما مادة أولى لإنشاء ثقافة جديدة، ولكنها تحتاج إلى تشكيل وإغناء بالاتساق و الإنسجام من قبل النخب العضوية. ولهذا فإن غرامشي ينتقد الثقافة الشعبية لأنها غالبًا ما تكون سلبيّة وغير منظمة، مما يجعلها عرضة للاستيلاء من قبل الثقافة المهيمنة ومن طرف أزلامها وخدامها وآلياتها الإيديولوجية، كما يمكنها أن تلعب دورا هاما في تشكيل المجتمع المدني و في الصراع الطبقي وفي الهيمنة والنضال والتحرير من الأغلال، ومن تمة تأكيده على أهمية النقد والتحويل للثقافة الشعبية، من أجل خلق ثقافة جديدة وواعية. كما أنه يميز بين الثقافة الشعبية كتصور للعالم سلبي، فهي خاضعة، بسيطة، ومتعددة، من جهة، و الثقافة المتخصصة: التي هي تصور للعالم إيجابي، مهيمنة، عالمة، ومنظمة، من جهة أخرى.
ولهذا فقد اصبح معروفا لدى العموم أن التنوير حركة فكرية وثقافية تهدف إلى تحرير العقل البشري من الخرافات والظلمات القروسطية، وتعزيز الفكر العقلاني والعلمي. التنوير الأوروبي كان له تأثير كبير على الفكر العربي والمغربي، حيث سعى المفكرون العرب والمثقفون المغاربة إلى استلهام أفكار التنوير الأوروبي وتطويعها في سياقهم الثقافي الخاص، مع ما يعتبر ذلك من صعوبات منهجية وإبستيمولوجية.
ومن بعض أعلام الفكر التنويري الأوروبي، نذكر :
-
إيمانويل كانط: فيلسوف ألماني،ويعتبر أحد أبرز مفكري التنوير في العالم.
-
جان جاك روسو: فيلسوف فرنسي كان له تأثير كبير على الفكر السياسي والاجتماعي.
-
فولتير: كاتب وفيلسوف فرنسي كان من أبرز المدافعين عن حرية الفكر والتعبير.
-
جون لوك: فيلسوف إنجليزي كان له تأثير كبير على الفكر السياسي والفلسفي.
ومن بعض أعلام النهضة العربية نشير:
-
محمد عبده: مفكر وعالم دين مصري كان له دور كبير في إصلاح الفكر الديني والاجتماعي.
-
جمال الدين الأفغاني: مفكر وعالم دين كان له دور كبير في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والإصلاح.
-
طه حسين: أديب ومفكر مصري كان له دور كبير في تطوير الأدب والفكر العربي.
-
شبلي شميل: مفكر وطبيب لبناني كان له دور كبير في نشر الفكر العقلاني والعلماني.
ومن بعض أعلام النهضة المغربية نشير إلى :
-
محمد بن العربي العلوي: مفكر وعالم دين مغربي كان له دور كبير في إصلاح الفكر الديني والاجتماعي.
-
علال الفاسي: مفكر وسياسي مغربي كان له دور كبير في النضال من أجل الاستقلال والديمقراطية.
-
عبد الله العروي: مفكر ومؤرخ مغربي كان له دور كبير في تطوير الفكر التاريخي والاجتماعي.
-
محمد عابد الجابري: مفكر وفيلسوف مغربي كان له دور كبير في تطوير الفكر الفلسفي والاجتماعي.
هؤلاء المفكرون وغيرهم لعبوا دورًا كبيرًا في تشكيل الفكر والثقافة في المنطقة.
ومن المعلوم أن هناك ترابط بين التنوير الأوروبي والعربي والمغربي، حيث تأثر المفكرون العرب والمغاربة بأفكار التنوير الأوروبي، مثل:
– الدعوة إلى العقلانية والمنهج العلمي
– النقد للسلطة الدينية والسياسية
– الدعوة إلى الحرية والمساواة.
ومع ذلك، هناك حدود بين التنوير الأوروبي والعربي والمغربي، حيث أن السياق الثقافي والتاريخي يختلف بين المجتمعات. في العالم العربي والمغربي، واجه التنوير تحديات إضافية، مثل:
– تأثير التقاليد الدينية والثقافية
– تأثير الاستعمار والاحتلال
– تحديات التحديث والتنمية.
بشكل عام، يمكن القول أن التنوير العربي والمغربي/ الأمازيغي العربي الحساني العبري منه، كان له خصوصية في التعامل مع قضايا مثل الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والدينية للمنطقة.
وعليه فالتنوير وقيمه الإنسانية تواجه تحديات في أوروبا والعالم العربي والمغرب. في أوروبا، هناك مخاوف من تراجع قيم التنوير مثل حرية التعبير والتسامح الديني، خاصة مع صعود الحركات القومية والمتطرفة، إبان الأزمات. في العالم العربي والمغرب، التنوير يواجه تحديات تتعلق بالتحرر من الفكر التقليدي والاستبداد السياسي،والتنكر المتعاضم لقيم الديموقراطية، في الغرب بالذات، و العودة إلى السلطوية، اليوم.
ومن التحديات في أوروبا نذكر :
– صعود الحركات القومية والمتطرفة التي تهدد قيم التنوير،
– تراجع حرية التعبير والتسامح الديني في بعض المجتمعات،
– تأثيرات الانفتاح الثقافي والهجرة على القيم التقليدية
ومن التحديات في العالم العربي والمغرب نذكر :
– صراع بين الفكر التقليدي والحداثة
– تحديات التحرر من الاستبداد السياسي والفكري
– تأثيرات التطرف والتعصب على قيم التنوير.
كما تؤشر أزمة التنوير في المغرب على قضايا كثيرة وفضائح أخلاقية وسياسية تعمق أزمة الثقة في المؤسسات، وتعمق الهوة بينها وبين المواطنين/ الرعايا، وهي المرتبطة بالعدالة والمساواة بين الأفراد وبين الجنسين، حيث يتم إفراغ الإلتزامات الدستورية والدولية من محتواها، وحيث يتم إنتهاك حرية التعبير والرأي الحر، وضرب ضمان الحق في المحاكمة العادلة، كتسريب محاضر وصور شخصية، أكان أصحابها في المعتقل او خارجه ( حالة الزفزافي والريسوني…. )، في إنتهاك سافر لسرية البحث ولقرينة البراءة، و كذا التمييز المضاعف الذي تتعرض له النساء الناشطات، أكان من طرف النظام نفسه أو المجتمع، بالذات، كما وقع لهجر الريسوني أو لسعيدة العلمي، فقط لأنهن إخترن إقتحام فضاء عام لايزال يدار بعقلية ذكورية وطبقوية، وكذا توظيف نصوص قانونية صيغت في الأصل لحماية الحقوق، فإذا بها تتحول إلى أداة لإسكات المعارضين/ات وقمعهم، ناهيك عن صدور الأحكام في الفضاء الرقمي قبل النطق بها من طرف القضاة، كما حدث في الكثير من الحالات : بوعشرين توفيق، الريسوني سليمان، الراضي والمهدوي، وأخيرا إبتسام لشكر و سعيدة العلمي….
كما ان هناك الحاجة إلى تعزيز قيم التسامح الديني والثقافي وتبليغها للرأي العام الوطني والدولي وتنويره، على أن ما وقع في الصويرة مؤخرا، مثلا، ليس تظاهرة دينية وثقافية يهودية بحثة، وإنما حدث هو فعل سياسي بجلاجل، إستغلال للدين لأغراض سياسية، إحتضن قداس لأكثر الحاخامات تطرفا وصهيونية في العالم، فكان ذلك هجوما إيديولوجيا صهيونيا حقيقيا وصريحا، مما يشكل صدى مفضوحا للصهيونية في المغرب، وإنكارا فاضحا للحقوق السياسية للفلسطينيين، ودوسا لمشاعر أغلبية المغاربة، متماهين علنا مع المتطرفين الإسراءليين الصهاينة …، داعين و معلنين دعمهم لسياسة الإبادة الجماعية لسكان غزة، ممجدين للجيش الإسراءيلي، محتمين خلف الرمز الملكي وستار التقاليد المريح/ الهيلولة( أنظر تدوينة علي بوعبيد، 23 سبتمبر 2025)، دون كلمة واحدة عن مأساة أصحاب الأرض والحق، عكس ما أعلن عنه حاخامات دوليون قد يدعون إلى الرحمة والعدل للجميع، وهي الجهود الضرورية لتعزيز التنوير المحلي والإنساني الذي قل ما تنذر إليهالفعاليات الثقافية والفكرية والسياسية المغربية، اليوم، نفسها، خاصة أيضا وان ذلك تم بحضور ومشاركة ممثلين رسميين مغاربة، وإن هي ممارسة يدينها المغرب العميق، جملة وتفصيلا، بشكل أو بآخر.
كما أن التنوير الأمازيغي في المغرب، كمكون أساس في الثقافة والحضارة المغربية، يركز على تعزيز الهوية والثقافة الأمازيغية، وذلك عبر الإحتفالات التقليدية بمناسبة رأس السنة الأمازيغية ( إيض يناير- اناير)، مثلا، ذو الأطباق الأصلية/ الكسكس، إفنوزن، أوركمين وأرباز……
وكذلك عبر جعل اللغة الأمازيغية رسمية وتدريسها في المدارس، وهو ماتم دستوريا، وحفظ التراث الثقافي الغني من فنون وحرف يدوية ورقصات تقليدية، مثل أحيدوس وأحواش…مرورا بتعزيز المطالب الإجتماعية المتعددة المشارب، حيث القبيلة وحدة إجتماعية مهمة، و لشيخ القبيلة دور هام في تسيير شؤونها، وتحسين الأوضاع في المناطق الأمازيغية، المهمشة منها على الخصوص، ولا يفوت الحركة الدعوة إلى إقتسام الثروات الطبيعية وفك العزلات والتهميش …و دون تسخير ذلك بالضرورة لفاءذة نظام فاسد….
ومن نشطاء و أعلام الفكر والثقافة والحقوق المغاربة المحسوبين على الحركة الأمازيغية، ومنهم:
علي صدقي أزايكو المفكر والناشط الروداني المساهم في تأسيس الفكر الأمازيغي بالمغرب والحركة الثقافية الأمازيغية في المنطقة، وهو الدارس للتاريخ الإجتماعي والمتخصص فيه والمؤسس لأول لجمعية ثقافية أمازيغية بالمغرب سنة 1967.
و من مساهماته الفكرية والثقافية كتابه الأساس عن التأريخ للبادية المغربية في العصر الوسيط والحديث. كما أنه أصدر ديوانا شعر ونال جاءزة المغرب للكتاب عام 1996، وتقلد عدة مناصب في التعليم، وكان باحثا في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ويعتبر نضاله من أجل القضية ومواقفه النقدية تجاه السياسات المخزنية سببا في ملاحقاته القضائية المتكررة، كان إصدار مقالته “في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية”، المنشور بمجلة أمازيغ المحضورة، سببا واحدا بارزا منها، زاد من توتر علاقته مع المخزن.
نذكر أيضا محمد شفيق المفكر المؤلف لمعجم عربي- أمازيغي، وكذا مبارك بلقاسم الكاتب باللغة الأمازيغية مباشرة والداعي إلى تعزيز إستخدامها في الكتابة والنشر. وكذا محمد بوهان، المؤسس لجريدة تويزا الناشرة لمقالات باللغة الأمازيغية.
ومن المعلوم أن أغلب الشعر الأمازيغي المغربي شفهي، كباقي التعابير الإبداعية الأخرى، وقد نتج ذلك عن الإختيارات الثقافية واللغوية السياسية المنحازة منذ فجر الإستقلال للعروبية، إلا بعد أن تم تدارك ذلك نسبياوتصريفه في البرامج التعليمية الرسمية، مع تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،فإعتماد سياسات لغوية وثقافية، وحتى إعلامية، قليلا ما يتم التعامل معها بالجدية والحزم الكافيان….، مرورا بتسويق دارجة مغربية سلسة وجميلة،وكذا تهميش الفصحى العربية، إستهدافا للفكر وللعروبة وللمعرفة، لكنها ولأنها دارجة حسية لا يمكن أن ترقى في الغالب الأعم إلى مستوى أداتي للتحصيل العلمي- المفاهيميالعميق.ومن المعلوم أن لا إنتاج فكري دون لغة للمقولات والمفاهيم. ومن البديهي أن أمازيغ يكتبون ويشعرون ويجيدون الترجمات والكتابة والمعرفةباللغة العربية، وإليها، وبلغات عديدة أخرى، ويبرعون فيها، جميعها، طبعا وأيضا…، إلا ما همشه النظام التعليم الحالي الرديء، عنوة، وتحاول أن تحتضنه وتحميه،عضا بالنواجد، الأسر والعائلات والقبائل والمواطنين المغاربة –الأمازيغ الأصل…أو غيرهم!
وعليه، فالشعر الأمازيغي يحتفي بالأرض من خلال العديد من القصاءد والدواوين الشعرية، قديمها جدا وحديثها ومستحدثها، والتي تتناول موضوع الأرض والطبيعة والهوية الثقافية الأمازيغية. الشعراء الأمازيغ يستخدمون اللغة الأمازيغية الوطنية- الدستورية، ليعكسوا مشاعرهم الدفينة وإرتباطهم الوثيق بالأرض والطبيعة، والدود عنها بين القبائل أنفسها، و بين الجهات وضد الأغيار والإستعمار ودولة-المخزن، وضد كل أنواعالجور والسطو والسيطرة والهيمنة….، إنتصارا للكرامة والنخوة والشجاعة….
ومن الأمثلة على الشعر الأمازيغي، نذكر قصيدة ” أفرادي”، وتعتبر من أشهره، والتي تتناول موضوع الأرض والطبيعة، وديوان “ءيزران ءوريري/ أزهار المرارة”، وهو للشاعر الأمازيغي أمنوس، حيث الإحتفاء بالأرض والهوية. وكذا قصيدة “الحمام الأبيض”، والتي تعبر عن الحنين إلى الوطن والطبيعة.
ويمكن تحديد بع٠ض خصائص هذا الشعر في الإرتباط القوي بالأرض وبالرمزية المفعمة، حيث تستخدم الرموز الطبيعية، مثل الشجر والحيوان، للتعبير عن مشاعر الإنسان، كما أنه يعتمد التنوع في موضوعاته وأسلوبه، مما يعكس ثراء الثقافة واللغة واللسان.
ومن أشهر شعراء الأمازيغ عندنا، نذكر سيدي حمو الطالب، وهو أشهرهم. وقد ترجمت أعماله إلى عدة لغات عالمية، وكذا موحى الحاج المعروف بقصاءده التي تعبر عن الألم والهوية والطبيعة.ثم هناك الحاج بلعيد المشهور بقصاءده الغناءية السلسة، والتي تركز على الطبيعة والحب.
وفي موضوع المشاركة السياسية للحركة الأمازيغية نذكر بالسيد عمر إسرا، أحد مؤسسي حزب التجمع من أجل التغيير الديموقراطي، وآخرون يتطلعون -اليوم- إلى أحزاب بهوية أمازيغية محضة، على غرار من إعتمد السياسة الإسلاموية، بنجاح، يوما، وخدم معاودة إنتاج النظام السياسي المنغلق والمستبد، بالرغم من أن هوية المغاربة أمازيغية وإسلامية، لا ريب، وأن القانون يقطع الطريق على تفرد وإنعزال مجموعة بشرية معينة بإحتكار وأفضلية إثنية لغوية أو ثقافية أو دينية ما، وكذا الباحث ع. السلام خلفي و الناشط الحقوقي أحمد عصيد.
ولعل التوجه رأسا إلى نقض النظام السياسي، في أفق دمقرطته الضرورية، يعفي من التخبط فيملهاة “الهويات القاتلة”، بالرغم من أهميتها الأكيدة، والتي قد تحسم نهاءيا بالحسم القاطع في تكريس الخيار الدستوري الديموقراطي، ببلادنا، مما أشار إليه الجامعي عن حق أريد به باطل في إحدى درجاته الأخيرة.
ومن المعلوم أن الدفاع عن الأقلية، او ما أعتبر كذلك في مفهوم الحداثة وما بعدها، من الممكن أن يفتح الباب على مصراعيه لقراءات وسلوكيات وتبريرات ” علمانية يسراوية” فظة وعصيوية تخلط الأوراق، مناصرة للإختيارات الإستراتيجية للدولة المغرببة/ القصر، في موضوع التطبيع المشؤوم بالذات، بشكل أو بآخر، طمسا وتشويها للهوية الوطنية والشعبية، وللخيار الإنساني المعولم النابذ، شعوبا ودولا، للكيان الصهيوني الغاشم، وهو باب يتضايق وتجد من بين من يدخله أفراد معزولين وجهات بكاملها، أو ما يقرب ذلك، بالذات، بمنطقة سوس وغيرها ( الصويرة، أكادبر، مراكش….) في بقاع البلاد الأخرى.
إنهم مدافعون/ات مغاربة مؤدلجون و فقهاء بلاط …. خونة للقومية العربية- الإسلامية وللتحول الانساني الملحوظ،اليوم، نصرة لفلسطين، النصرة الدولية، ولخيار وصمود المقاومة الإسلامية و حلفاءها، في الميادين، ذاك الطيف المغربي الوظيفي المتصهين، المناصر والمتزلف، خوفا وطمعا وجهالة، لتازة قبل غزة! ( أنظرالقداس اليهودي و الذي جمع كل من عصيد والفيزازي و كلاب وغيرهم واليهودي الصهيوني المغربي “المزمر”، إبن الحاخام الأكبر، جاكي كاكوش، وما في ذلك من دلالة رمزية سياسية ودينية …!) على إثر الندوة الفكرية الملتبسة الهوية التي نظمها حزب الحركة الشعبية وأكاديمية لحسن اليوسي، لتدارس موضوع الهوية المغربية. وجميل أن يناقش محمد الفيزازي الهوية الشرعية عوض الشرعية الاسلامية وأن يناقش كلاب المافوق وطنية، ليتخطى المفهوم الضيق للوطنية العروبية والاسلاموية وحتى اليسارية، بإدخال الطاءفة اليهودية- الصهيونية عنوة في الانتماء الأفقي الما فوق -وطني، انتماء يذوب فيه الوطن الاصيل القوي والمنسجم…. ، باسم محاباة الإختلاف، وحشر الأمازيغ المغاربة في الزاوية الضيقة، في ما ليسوا هم، وليس موضوع هوية وأرض وشعب مميز، لا يمكن ان يسع من هب ودب، عند الإقتضاء.
عجيب أن يخرج كل هذا الخليط الفج المشحون برمزيات كثيفة ومتشضية من رزة و جبة القصر ومن والاه/ المخزن: علمانيون و فقهاء ومؤرخون، آخر زمان، جمعهم كلهم الولاء الغير المشروط، كل من زاويته، للنظام الحالي، في ظرفية إهتزازه، باهتزاز متحالفيه، إسراءيل على رأسهم، تحت ضربات المقاومة الصامدة، شعارهم في ذلك تبخيس السياسة ورجالاتها، ولا جدواها، و أكثر فأكثر، منذ أن صوت المغاربة لدستور 1996 وما تلاه من منح مؤسساتية هجينة تقفل المشهد السياسي المغربي….!
يبدو الآن الأثر الواضح لطوفان السابع من أكتوبر 2023. وما عمليات الهدم، هنا وهناك، وتثمين الأرض هنا وهناك، على سواحل الأطلسي وفي الحواضر وخارج المربعات الحضرية إلا تمهيد وتداعيات لما يحبل به المستقبل القريب من عواقب وتحولات هاءلة.
و قد تعمل نفس السياسات الوطنية -أيضا- على إيجاد مكان ما لإسراءليين يهود، نزقين، هاربين، مهزومين و منبوذين عبر العالم، ومن كيان إسراءيل بالذات، منهم من هم من أصل مغربي- أمازيغي، ما يقارب المليون وأكثر، بالإنخراط المشبوه في المشاركة السياسية، الانتخابات مثلا. إن خطر التطبيع الرسمي مع الكيان العبري، والذي قد يمتد إلى خطر تمثيلية سياسية نزقة في بلادنا، و إلى الهيمنة التدريجية على دواليب السلطة والحكم بالبلاد، وهو أثر فارق من مفاعلات حدث السابع من أكتوبر 2023 العظيم، ومن التحولات الكوكبية الجارية عبر العالم….وإشاراتها الواضحة من خلال التوترات والحروب بالمنطقة، في سوريا ولبنان وألعراق، وغيرهم، طموحا أرعنا في “إسرائيل كبرى”، والبدىء بقصف قطر والتنمر على باقي الجوار حتى اليمن….تآمرا على رأس المقاومة، وقضية فلسطين في قلبها…، وهو مايرعب ويزعزع عروش المطبعين….
ولا يفوتنا أن نشير إلى مفكرين يهود مغاربة، كالفيلسوف مايمونيد/ القرن الخامس عشر، و إلى نشطاء أحرار سياسيين وحقوقيين معاصرين مغاربة، مناصرين جهارا لقضية فلسطين- الحرة ولمقاطعة سلع و وصل وفصل الصهاينة…، كأن نتحدث عن أدمون عمران المالح وسيون أسيدون وابراهام السرفاتي، وغيرهم قليل…..نهجهم في هذا نهج أغلبية الشعب المغربي الحي والأصيل، الممانع منه على وجه الخصوص..( أنظر رفض مغاربة احرار لدعوات الحاخام بينتو، من قلب هيلولة الصويرة، وقد يكون قد رتب لذلك، من زمان، أحد المستشارين الكبار الداءمين للقصر، تنظيما لمهرجانات سنوية، بلدية- كناوية وعصرية مشبوهة، لنصرة’ الجيش الإسراءيلي- في حرب الإبادة !!!
إنها لتناقضات متباينة الخصائص القيمية والمواقف والمواقع الإجتماعية….تلخصت عندنا في مفهوم تامغرابيت المبتذل، والذي يعمل على تمويه وطمس التناقضات الصارخة المتعددة الأوجه. وقد إنتقد السيمياءي سعيد بنكراد ه٠ذا المفهوم/ تامغرابيت، لأنه يراه يُبنى على أساس هويات متعددة ومتناقضة، ويتجاهل الديمقراطية والمواطنة والحقوق والواجبات. يرى بنكراد أن تامغرابيت تحتوي على عناصر دينية وعرقية وجهوية، والتي قد تؤدي إلى التمييز والاستبعاد والإستحواذ. و ينتقد أيضًا التصنيف الذي تُقدمه تامغرابيت، والذي قد يُستخدم لتبرير التمييز والإستغلال والولاء والبيعة والاستبعاد بين الأفراد والجماعات، معبرة في ذلك عن شروط وجودها الاجتماعي- الثقافي المتميز بالخضوع والإستسلام والخوف عموما، أكان بالخاطر أحسن او بالإكراه..والسبف.
إنها تمثل ثقافة شعبية حسية مشتركة غير منظمة وغير متماسكة وسلبية ومرعوبة إجمالا، وإن قليلا ما تتعارض مع متطلبات الثقافة الرسمية والحلقية المسيطرة، التي نجدها اليوم في مقولة تاعياشت، مثلا، رديفة تامغرابيت أو تاملاكت/ تاكليدت/ تامخزنيت، تاجلايجيت وغيرها من الأوصاف القدحية والداعية للعبودية، في غياب إتساق عضوي كاف من طرف النخب الممانعة، ومن هنا أهمية وضرورة التحويل والبناء والنقد لتكوين مجتمع مدني سليم وحي، و آخر سياسي مناضل واع وإيجابي وجذري، يعملان معا على التأطير والهيمنة والإصلاح والتغيير…..
خاتمة: بعض الخلاصاتوالملاحظات في / وعلى مثلث الخلاص: التمثيلية والحوكمة والإصلاح السياسي والدستوري
أن المسافة غير كافية لإستخلاص الدرس مما حصل. لكن هناك ما تعتم تحت وطءته البنيات والسلوكات للمجتمع والدولة- المخزن، في بلادنا. على العموم، وفي ما يخص موضوع الحراك الأخير يمكن رصد بعض الملاحظات. لقد إستطاع زمرة من المتدخلين للنقاش المباشر مع “جيل ز” أرساء ثلاثة محاور مهمة للتداول الحرالواسع بين الأطراف، تدور حول أهمية الحوار والتمثيلية والسلمية، ونقد نظام الحكامة الغير الناجع، وأخيرا وليس آخرا، ضرورة ربط الإصلاح السياسي بالنجاعة الإقتصادية والإجتماعية ( ن. أقصبي، 2025)، فهل نجحت في مسعاها؟
ويبدو لنا أن أهم العواءق التي ترهن الاستدامة في التنمية البشرية، ببلادنا، هو بالضبط الخصخصة في القطاع الإجتماعي، أكان في الصحة أو التعلبم أو الشغل، مما طالبت به الحركة الشبيبية لأخيرة، جيل ز 212.إن ما تم لحد الإختيارات السياسية الجاري بها العمل إلى الآن، هو رمي صريح لأغلبية المواطنين المغاربة في الهشاشة والفقر والبلترة، لا تنفع معه في شيء هجانة وقول “الدولة الراعية”، بالرغم ما اولا له من “روتوش”، من جهة وإغتناء فاحش لزمرة متسلقة ومحتكرة للقرب من السلطة. و هو ما لا يليق إجتماعيا-نظريا وعمليا-في قطاعات إستراتيجية حيوية في مجمل العالم النامي/ البازغ، في الصحة والتعليم والتكوين والشغل، بالضبط. وهو ماأتبتته التجارب النامية المقارنة عبر العالم، حيث ظلت الدولة تضمن كافة الإنتقالات، الديموغرافية منها والتمويلية للتنمية، وغيرها. وقد تم ذلك في نظرنا للتدليلالنموذجيعلى ذلك، عبر تفويتان كبيران ، لا الحصر، تم تسجيل ديناميتهما المعتبرة منذ الثمانينات من القرن الماضي، على أقصر تقدير: نزع الملكية الجماعية والخاصة، بما فيها تفويت القطاع العام، وتدمير المدرسة والصحةالعموميتين.
وعليه فقد أجمع المفكرون، وأكدته تجارب الدول المقارنة عبر العالم، على أولويات التعليم والتكوين والبحث العلمي وعلى ضرورة تكفل الدول-الأمم بها، وبميزانياتها و ضبط نجاعتها، وببرامجها ومناهجها، ورجالاتها، دون جدال.
والحال، في نظرنا، من الممكن تصور اعتماد الخصخصة وإقتصاد السوق فيأي قطاع كان، يليق بالمنافسة والمردودية المالية، إلا في مجال التعليم والتكوبن والصحة، والبحث العلمي، القطاعات الاستراتيجية والركاءز التنموية٦حقا، والتي لا يليق أن نلعب بها.
إنها القطاعات التي سمحت لبلاد النمور، مثلا، متى صفت مع الفساد والاستبداد نهاءيا،بأن يسبقونا وفي ظرف قصير، ولبلدان إفريقية، حتى، في موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فحتى البارحة/ السبعينات، كان الإسبان، وحتى الصينيون،”يخدمون” عندنا في المغرب، وفي محاولة لللحاق بما / ومن يتحرك من حولنا ويتطور ويتقدم،بين ظهراننا، وفي إدراك منا ب”الزمن العاجل” دون الآجل، حسب تعبير ع.ذبنعبدالعالي (2014)، كما هو جلي في “عراك جيل ز” المفتعل، وما تفرضه المحايثة السيكولوجيةimmanence،ودرء لكل إيديولوجية مجردة ومتعالية ومبتعدة، اليوم، ما الذي جرى حتى أصبح غيرنا، في بعض العشريات،لا أكثر،يجالس ويفاوض ويخاصم ويقارع ويتحدىأعتى الأمم في الغرب الراسمالي- الإمبريالي، الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا !؟
ما الذي جرى حتى تأخرنا كل هذا التأخر الغير المندمج والغير المقبول ، إلا في رزنامة قطاعات محدودة العد والعدد،خدومة لإقتصاديات ومجتمعات الغرب، ملتفة الظهر على حاجيات السواد الأعظم من شعبنا، وحتى تعرف بلادنا نموا مشوها وشديد التبعية والإرتباط الكبير بالنظام الإقتصادي العولمي المأزوم، اليوم، وفي قطاعات قليلة القيمة المضافة والفائدة على مجموع المغاربة…، دون فائدة تنموية كبيرة تذكر!؟
إنه في نظرنا غياب دمقرطة التعليم و التكوبن والتشغيل، والعلاقات الإجتماعية، عموما، ياسادة، في الاساس، بما يعنيه من ضمان تكافؤ الفرص للجميع، في بيءة آمنة ومحفزة، دون زبونية أو ريع أو مسخ لفضيلة الاستحقاق، من أجل إشعاع فكري علمي بحثي وثقافي وتنمية مستدامة فعلية وحقة.
إن الرهان على الثقافة والفكر في التنمية المستدامة، لوحدهما، وبعزلهما، دون مدخل التعليم الجيد،والذي يكفل الحق في تكافؤ الفرص والترقي الاجتماعي للجميع لهو رهان ناقص، إن لم مثل رهان معدوم، في بلانا، بدون أفق وبدون معنى، من أساسه. وكل إقتصار على تنشيط الثقافة المبتذلة، دون إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية- التكوينية الأساس، لهو رهان مغلوط، لأنه سطحي ولا يضرب في أعماق المشكلة، وذو أثر ضعيف على إستدامة النمو والتنمية الجهوية والوطنية والاجتماعية الحقيقية، ولا يمكن الاستكانة والاكتفاء بهما، أبدا، مهما عضم أعلام الفكر والثقافة والتنوير، لأنهم نخبويون، بالضرورة، في غالب الاحيان، وستزداد أقلويتهم الطبقية مع التهميش المقصود و الاكتفاء بجر “الغوغاء- بارود التمردات و الثورات” عامة، والدفع بهم دفعا…إلى البهرجة و إلى الأمام.
ويعتبر شباب اليوم، كمقولة سوسيولوجية وليس بيولوجية، مرتبطة بالصراع الإجتماعي والوضع الطبقي( بورديو بيير1984)، ولعله أحسن توصيف تم إعطاؤه لمقولة “الشباب”، بل وحتىأن الفرق بين الشيوخ والشباب هو صراع إجتماعي وبناء سوسيولوجي، حتى أن بعض الشباب شاخوا وبعض الشباب تشيبوا، فكرا وموقفا وموقعا في التاريخ والأفق الإستراتيجي. كما أنه/ الشباب يتوسلوسائط تقنية جديدة، بإبداع آراء وتبادل أفكار، أول من يجب أن يمشي ضحيتها هم الكهول والشيوخ، أنفسهم،أو أغلبهم،وهم المتعاملين بوساءط تقليدية باءرة والمحتكرين لمواقع إجتماعيةوأفكار متكلسة ومتوارثة، حتى أن المهدي المنجرة ذكرهم بواجب فعل ذلك: الثورة على الأسياد والجهلة والمتمسكين بالكراسي.
وقد يذهبضحيتها-أيضا- الكثير من”الغفل الشعبي”، المنبوذوالمهمش والمقهور لعقود،في لعبة أقرب ما تكون من لعبة البول 8، ضرب لكرة بعد كرة اولبعض بالبعض، إصطياد البعض للآخر، فأة لفأة، الطيع الخلوق للثائر المتمرد، البورجوازي الصغيرلباقي إبن الشعب المنبوذ والماضي
.فهو أصلا ليس “إبن الديسكورد”الراءع، السلمي والأنيق والهادىء، وإن كان لا ينقصه الهاتف الخليوي، مدنيا كان أو في القرى.إبنالتواصل الإجتماعي -اليوم-يحدد -الآن وهنا-حسيا وعمليا وإستيتيكيا، سقف برنامجه”النضالي” في مساءل- مشاكل”حكامة”، فقط، تخص التعليم والصحة أساسا، وليس في مجال”الرؤية”السياسية الشاملة للأمور(أنظر مطالب جيل ز- 212)، بما يرتبط بها مباشرة من مشاكل الفساد والإستبداد،إنطلاقا من الصفر تقريبا بالنسبة لأغلبها.
أن جيل زط لا يضع المسألة السياسية- الدستورية في جدول أعماله، الآن وهنا، خاصة وأن دستورنا/ 2011يعطي للملكية سلطات تنفيذية واسعة، بمعنى أنها لا تساءل ولا حتى تخضع للقوانين، وأن لا مندوحة صراحة عن توسيع وتأهيل السلطة التشريعية- البرلمان.وفقط الحكومات المنتخبة والشرعية حقيقة
هي من تساءل شعبياعن نجاعة السياسات العمومية، التي تتبارى من أجلها، وتنفذها الطبقة السياسية والتقنوقراطية، في مجالي الصحة والتعليم، مثلا.
وهي أمور ومطالب سيروونها -بالتأكيد-وسيستبطنوها -حتما- مع الزمن والمحن، في جدلية المد والجزر، وفيصيرورات النضال ومعمعان الصراع والإحتكاك والإشتباك والقمع
في الميادين مع السلطة- المخزن، مما يجعل النظام يستغل الأحداث ويصنعها،أو يبادر بصنع بعضها، ويحتويها، ويستبقها، حتى، في مفاصلها العريضة، لصياغة الردود المناسبة والأجوبة على المقاس الذهبي، لا بللتصفية الحساب، معها بالذات، مع جزء من الجمهور، بالتنكيلوالسجن، ولربما بالقطف العمد لمن أينع رأسه…ودون متابعة ومحاسبة المتورطين المباشرين ومن ولاهم،من الظلمة..
وقد تبدو معضلة التشغيل حاسمة لدى الشباب، متعلما كان،أو من الخمس ملايين شاب”المتكأ على حيط”، خاصة وأن فورة جيل ز تبدو مؤطرة، وتم خلقها وضبطها في آن، وهي الآن في موت سريري، وقد تفتح الباب حتما لظهور “جيل ز”آخر ثاءر، إذا لم تحل مشكلاته المركبة، السياسية والمتعلقة بالإقتصاد والمجتمع والدولة.
كما أن الإنتاج المادي يحتاج إلى شغيلة، يد عاملة، تقنية ومهندسة وتدبيرية، وأصحاب مهن وحرف وخدمات، من حق الجيل الجديد أن ينعم بتكوين مواطناتي،أيضا،يضمن له الانخراط الواعي والمسؤول في الشأن العام المحلي والوطني والعالمي، بما فيه الإنخراط والضغط والتدخل في مسلسل إتخاذالقرار، أي في الحرص على التأثير على مجرى الإختيارات الأساسية للبلاد..
ولا يمكن الإستهتار بالبدايات والأسس، التي نجدها ونبلورها وندافع عنها في الترببة و التعليم وتكوين الرأسمال الحقيقي للبلاد و للامة، “الرأسمال البشري المغربي” والقومي، و نجد ذلك في المدرسة العمومية أساسا، الجامعة والمدمجة لأوسع طموحات أبناء وبنات الشعب المغربي، وكذا في السياسات العمومية الوطنية الديموقراطية، وليس في الخطابات الأيديولوجية والديماغوجية، لمصلحة الجميع، و هي مصلحة كل الطبقات والفءات المنتجة والجهات المتضامنة إجتماعيا، بالذات، أكان في الصحراءالمغربية( أنظر قرار الأمم المتحدة للثلاثبن من أكتوبر لهذا العام) أو في مناطق المغرب الأخرى، كالريف، مع الأوساط المعوزة. وذلك كذلك من أجل تكوين شخصية مغربية موحدة على الأساسي ومتنوعة في الثقافة واللغة، منتجة صلبة منسجمة، أبية وكريمة ومتضامنة ومنفتحة على العصر، وطنية ديموقراطية و مواطنة…
وهو ما جعل الكثير من الإقتصاديين الإصلاحيين المغاربة يركزون على تلاثة مخارج لنجاعة النظام السياسي المغربي: مشروعية الإختيارات الأساسية، التي ترجع الإشكال إلى جذوره السياسية المحددة، حيث موافقة الشعب عليها ضرورية، ما يعرف بمشروعية الشرعية- التمثيلية، أكان في الصحراء او في باقي جهة ومناطق المغرب، وحيث مسألة الحكامة والتيسير والتدبير تأتي لاحقا على المعضلة الحكم،عموما، أو مسألة الحكم الذاتي، أو الجهوية المتقدمة، في الجنوب او غيره، فضلا عن المسؤولية الكاملة الواضحة والشفافية بربط الإقتراع بها، وأخيرا، وليس آخرا، المساءلة والمحاسبةوحتى “التشكيك”، الذي يراد به باطل،كشرط للنجاعة، وكآلية لتحفيزالمسؤولين والمتبارين على إنجاع المشاريع وكسب ثقة الناخبين (ن. أقصبي، 2025).
والواقع أنها أمور مهمة وحاسمة لن تستقيم كلها دون مراجعة دستورية عميقة تعيد النظر غي فصل السلط وتوازنها وتؤسس لديموقراطية سياسية، من أجل الفعالية الإقتصادية والإجتماعية، تربط جدليا ببن متطلبات التنمية المحفزة والموثوقة والمستدامة، من جهة، والإصلاح السياسي- الدستوري،بإنخراط الجميع فيه، بمن فيه الشباب، من جهة أخرى. أم أن الأمر يتطلب ترصد الانهيار الآتي حتما من تعفن الداخل….!؟
زر الذهاب إلى الأعلى