اخبار دولية

الأحزاب الموريتانية ترحب بقرار الأمم المتحدة الخاص بالصحراء المغربية

أحمد رباص ـ تنوير
رحبت عدة تشكيلات سياسية موريتانية بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأخير بشأن الصحراء، والذي يدعو إلى استئناف المفاوضات على أساس اقتراح الحكم الذاتي المغربي.
هذه الدينامية تعكس، بحسب المراقبين، رغبة نواكشوط المتزايدة في طي صفحة قضية حساسة، كانت لفترة طويلة مصدرا للمعضلات الدبلوماسية والضغوط الإقليمية، والانفتاح على الفرص التي تتيحها الشراكة مع المغرب.
وكان أول رد فعل لشخصية سياسية موريتانية هو رد فعل رئيسة الحزب الموريطاني نعمة زينبو تاغي التي رحبت بالقرار في تفاؤل بمستقبل زاهر للمنطقة، إيمانا منها بأن مخطط الحكم الذاتي المغربي يمثل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق.
ومن بين ما صرحت به نعمة بهذا الصدد لوكالة المغرب العربي للأنباء أن القرار الأممي”من شأن تنفيذه أن يمكن منطقة المغرب العربي من الخروج من مأزق طويل الأمد ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
من جانبه أكد نائب رئيس حزب الصواب المعارض أحمد ولد عبيد على أهمية نص الأمم المتحدة لإعادة إطلاق اتحاد المغرب العربي، معتبرا “استقرار الصحراء شرطا لا غنى عنه لإعادة تنشيط المشروع المغاربي المشلول منذ عقود “.
إعادة التموضع الاستراتيجي لموريتانيا
بالنسبة إلى سالك رحال، المتحدث الرسمي باسم الحركة الصحراوية من أجل السلام، المؤيد للمبادرة المغربية، تكون موريتانيا من بين المستفيدين الرئيسيين من الدينامية الدبلوماسية الجديدة، وأشار إلى أن دعم مجلس الأمن الصريح لخطة الحكم الذاتي سيسمح لنواكشوط بمنع ميليشيات البوليساريو قانونيا من عبور أراضيها لمهاجمة جدار الدفاع المغربي..
ويعتقد الناشط الموريتاني أن هذا التطور سيسهل إعادة فتح الممر الدولي الذي يربط السمارة بالمغرب ببئر مغرين في موريتانيا وسيعمل على تسريع إبرام الاتفاقيات الاستراتيجية بين الرباط ونواكشوط، خاصة في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية.
كما أنه سيفتح الطريق أمام التعاون الإسباني المغربي حول الاستغلال المشترك لجبل تروبيك، قبالة سواحل الداخلة.
المصالح الاقتصادية المتقاربة
بالنسبة إلى موريتانيا، التي تعتمد أسواقها إلى حد كبير على الصادرات الزراعية المغربية، فإن استقرار الصحراء يمثل قضية حيوية. وأدت حادثة منع مرور الشاحنات المغربية عبر الگرگرات عام 2020 من قبل جبهة البوليساريو إلى نقص كبير في المنتجات المغربية، حتى تدخلت القوات المسلحة الملكية لتحرير الممر بشكل نهائي.
وهكذا، وبعيداً عن الحياد الحذر التقليدي، فإن الإشارات الواردة من نواكشوط تكشف عن تحول سياسي ملحوظ، مما يمثل تقارباً استراتيجياً مع الرباط، في وقت يبدو فيه المجتمع الدولي مؤيدا الطابع المغربي للصحراء.
بين الحكمة الدبلوماسية والفرص الجيواستراتيجية
وتشير مصادر موريتانية إلى أنه بالرغم من أن القرار الأخير لمجلس الأمن يأتي في وقت حساس بالنسبة إلى موريتانيا، إلا أنه لما يزال يجلب فرصا ملموسة.
فمن ناحية، ينبغي للمناخ الدبلوماسي المتجدد أن يخفف من الضغوط السياسية والإعلامية التي تثقل كاهل نواكشوط، مما يسمح لها بالحفاظ على توازن الحياد التقليدي مع القيام بدور الوسيط البناء بين مختلف الأطراف المعنية بقضية الصحراء.
ومن ناحية أخرى، من شأن استقرار الحدود الشمالية أن يعزز الأمن الداخلي، خاصة في المناطق المتاخمة للصحراء المغربية، وينعش التجارة عبر المركز الحدودي الگرگارات، باعتباره متنفسا اقتصاديا حقيقيا يربط موريتانيا بالمغرب وغرب إفريقيا.
نحو مقاربة إقليمية أكثر واقعية
على المستوى الإقليمي، فإن اعتراف مجلس الأمن بأهمية خطة الحكم الذاتي المغربية يعزز مقاربة تقوم على حلول سياسية واقعية لحل الصراعات في منطقة الساحل، كما يمكننا أن نقرأ على المنصة الموريتانية أقلام (ريشات حر).
كما أنه يعكس اقتناعا مشتركا بأن الاستقرار أصبح الآن شرطا أساسيا للتنمية والأمن. وهذا السياق الأكثر هدوء يمكن أن يسمح لدول الساحل بإعادة تركيز جهودها على مكافحة الإرهاب وعلى تعزيز التكامل الاقتصادي، بدلا من التورط في أزمات حدودية أو سياسية طويلة الأمد، كما يتابع المصدر نفسه.
آفاق واعدة
وعلى المستوى الاقتصادي، تفتح هذه الدينامية الطريق أمام مشاريع جديدة لربط الأراضي والموانئ والطاقة، مثل الطريق الأطلسي الذي يربط الداخلة ونواكشوط وداكار، أو حتى ممرات الطاقة التي تعزز التجارة الإقليمية.
وبذلك تستطيع موريتانيا تعزيز دورها كمفترق طرق استراتيجي لعبور البضائع والطاقة إلى قلب القارة الأفريقية. وفي أفق أوسع، فإن أي تقارب بين المغرب والجزائر من شأنه أن يسهم في تشكيل فضاء مغاربي أكثر توازنا وتكاملا، مواتيا لاستقرار وازدهار المنطقة برمتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى