1. سياق أليم يوحّد الصفوف ويُفعل الوعي الجماعي
يندرج هذا البيان في سياق مؤلم طبعته فاجعة إنسانية ومهنية عميقة، راح ضحيتها المفتشة التربوية صفاء زياني وأُصيبت خلاله المفتشة التربوية شدى السرغيني لكليلي إصابة خطيرة، أثناء أداء واجبهما المهني. وقد عكس انعقاد الجمع العام الإقليمي لنقابة مفتشي التعليم بالعرائش يوم 29 نونبر 2025 مستوى عالياً من الوعي النقابي والمسؤولية الجماعية، حيث تحوّل الحزن المشروع إلى قوة تنظيمية مُتماسكة وإرادة جماعية للترافع الجاد.
2. قوة التلاحم النقابي واستحضار البعد الإنساني
عبّر البيان، في مستهله، عن أسمى معاني التضامن الإنساني من خلال الترحم على الشهيدة والدعاء لها، ومشاطرة أسرتها الألم، والتمنيات الصادقة بالشفاء العاجل للزميلة المصابة. وهو ما يؤكد أن مفتشي العرائش لا ينفصل لديهم النضال المهني عن القيم الإنسانية، وأن التماسك الداخلي للهيئة هو أساس كل فعل نقابي مسؤول.
3. تشخيص دقيق للواقع المهني غير الآمن
يُبرز البيان، بوضوح وشجاعة، الظروف المهنية القاسية وغير الآمنة التي تشتغل فيها أطر هيئة التفتيش بالإقليم، معتبراً أنها تتناقض جذرياً مع شعارات الجودة التي ترفعها الوزارة الوصية، وهذا التشخيص لا يصدر عن انفعال، بل عن تراكم خبرة ميدانية وتكوين نقابي واعٍ يدرك أن الجودة تبدأ أولاً من حماية الموارد البشرية وصون كرامتها.
4. تحديد صريح للمسؤوليات وربطها بالمحاسبة
ومن منطلق قوة الكلمة النقابية الواضحة، حمّل الجمع العام المسؤولية المباشرة لحالة السيارة موضوع الفاجعة للمديرية الإقليمية بالعرائش، ثم للأكاديمية الجهوية ووزارة التربية الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالمراقبة والصيانة والتأهيل والتحديث، كما أكد بشكل حاسم أن ما وقع هو حادث مصلحة، بما يستوجب حفظ جميع الحقوق القانونية لذوي الزميلة الراحلة وللزميلة المصابة، في انسجام تام مع القوانين الجاري بها العمل.
5. رفض التسويف والمطالبة بضمانات فورية للحماية
يبعث البيان برسالة قوية إلى الجهات المعنية، داعياً إياها إلى الكف عن سياسة الوعود والتسويف، والانتقال الفوري إلى تفعيل الضمانات الواقعية لحماية الأطر أثناء أداء مهامهم الرسمية، وفق معايير واضحة، وتدبير نزيه وشفاف. ويعكس هذا المطلب فهماً عميقاً لمعنى المسؤولية الإدارية وربطها بحقوق العاملين.
6. المطالبة بالتحقيق والشفافية خدمة للعدالة
وفي تأكيد إضافي على النضج النقابي، دعا الجمع العام إلى فتح تحقيق مستعجل وعادل في ملابسات الحادث، وترتيب المسؤوليات عن أي تقصير محتمل، مع إطلاع الرأي العام على نتائجه، وهو مطلب يؤكد أن مفتشي العرائش يناضلون من أجل الحقيقة والمساءلة، لا من أجل الشعارات الظرفية.
7. تصعيد نضالي مسؤول ومُؤطر تنظيمياً
لم يكتف البيان بالتشخيص والمطالب، بل دعا الهياكل المحلية والجهوية والوطنية للنقابة إلى اتخاذ الخطوات النضالية والإجراءات اللازمة للترافع عن الملف والاستمرار في متابعته إلى حين الإنصاف الكامل وتحقيق المساءلة،
كما أعلن تعليق مهام التأطير والمراقبة والتقييم ومواكبة مؤسسات الريادة خارج المدار الحضري إلى حين توفير وسائل نقل تحترم معايير السلامة والكرامة، في خطوة نضالية محسوبة تعكس قوة التنظيم ووحدة القرار.
8. الدعوة إلى الحوار وتجسيد التضامن الميداني
وفي توازن دقيق بين النضال والحوار، دعا البيان المدير الإقليمي إلى فتح حوار جدي ومسؤول مع النقابة حول تداعيات الحادث وظروف عمل الهيئة عموماً، كما ثمن دعوة المكتب الإقليمي إلى تنظيم وقفة تضامنية بمقر المديرية الإقليمية بالعرائش يوم الإثنين 1 دجنبر 2025 على الساعة العاشرة صباحاً، تعبيراً عن التضامن المطلق مع ضحايا الحادث، واستشعاراً لخطورة ما وقع.
خلاصة
إن هذا البيان ليس رد فعل عاطفياً عابراً، بل وثيقة نضالية متكاملة تُجسد قوة الكلمة، وصلابة التكوين النقابي، وروح التآزر والتلاحم التي تميز مفتشات ومفتشي العرائش، وهو تعبير صادق عن هيئة واعية بحقوقها، متمسكة بكرامتها، وقادرة على تحويل الألم إلى مسار نضالي مسؤول يخدم كرامة المفتش وجودة المدرسة العمومية معاً.
عبد الرزاق بن شريج