ولاء درزي غريب داخل الكيان الصهيوني ،ماذا نعرف عن دروز اسرائيل ؟

محمد جرو/مراكش/تنوير:
تساؤلات عديدة تطرح حول العلاقة بين الكيان العبري (اسرائيل )وبين أبناء هذه الطائفة التي تكاد تكون الوحيدة التي يخدم أتباعها في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1956 إذا استثنينا البدو. فماذا نعرف عن دروز إسرائيل؟
قبل ذلك ،وعلى وقع الاشتباكات الدامية الأخيرة بين مسلحين دروز وقوات الأمن العام التابعة للإدارة السورية في أشرفية صحنايا، والسويداء، أغلق أشخاص ينتمون لهذه الطائفة في إسرائيل طرقات الجليل، وطالب زعيمهم الروحي الشيخ موفق طريف الدولة العبرية بالتدخل الفوري،مما يطرح أكثر من علامات استفهام ،منها أن إسرائيل بعد وعد بلفور المشؤوم ،جمعت شتاتا من داخل فلسطين وخارجها لتؤسس كيانها الغاشم ،مثل مافعلت راعيتها الولايات المتحدة الأمريكية ،التي استولت على حضارة الأزضيك والمايا ،واختلط العنصر الأبيض بالأسود ،لعبت السياسة دورا جوهريا في تشكيل أكبر واحدة من كبريات الامبرياليات العالمية …
فحسب استطلاع لمعهد اسرائيلي ،يتوزع الدروز على 18 قرية في إسرائيل، منها ما هو “درزي خالص” ومنها ما هو مختلط. ولطالما عملت تل أبيب منذ بداية النكبة الفلسطينية عام 1948، على بناء علاقة خاصة مع أبناء هذه الطائفة الذين حصل بعضهم على الجنسية الإسرائيلية في نفس عام قيام إسرائيل..
وربط القائمون على الاستطلاع إجابات المشاركين بالعوامل التي شكلت صورة إسرائيل في وعيهم، كأعمارهم، ومستوى تعليمهم، ومحيطهم الاجتماعي.
وتعتقد عدة مصادر عربية أن الكيان العبري ،وبمباركة دول استعمارية استطاع بعد النكبة استقطاب الدروز الذين كان عددهم وقتها لا يتجاوز 13,500 شخص من مجموع السكان العرب المقدر عددهم وقتها بأكثر من 156 ألف فلسطيني. فقامت بإعفائهم في البداية من الخدمة العسكرية التي كانت سارية قانونًا على كل العرب، لتعود وتجندهم ابتداء من عام 1956.
في عام 1961 سمحت تل أبيب بإنشاء محاكم دينية درزية خاصة، كما أنشأت دوائر حكومية لهم عام 1970، ما ساعدهم على الانخراط، ولربما الذوبان داخل المجتمع الإسرائيلي.
وبذلك فُصلت هذه الأقلية عن بقية السكان العرب الذين بقوا داخل ما أصبح يسمى لاحقا إسرائيل.
وبالرغم من محاولة عدة فصائل شعبية مسلحة، ووجهاء من الطائفة كالشيخ فرهود قاسم فرهود السيطرة على “الانجذاب الإسرائيلي- الدرزي” إلا أنها الأمر باء بالفشل.
وقد قاتل الدروز إلى جانب إسرائيل في كثير من معاركها، فأصبحوا المجموعة العربية الوحيدة المجندة في الجيش الإسرائيلي، والقيمين على أمن الحدود والجهاز الدبلوماسي.
بحلول عام 2000، بدت الفجوة بين الدروز وباقي السكان العرب تجاه إسرائيل أكثر اتساعا، وتحديدًا في أواخر سپتمبر في ما يُعرف بـ”هبّة الأقصى” أو الانتفاضة الثانية حين خرجت مظاهرات في بلدات عربية داخل الخط الأخضر والقدس والضفة الغربية وقطاع غزة احتجاجًا على زيارة زعيم الليكود أرييل شارون لباحة المسجد الأقصى في 28 سبتمبر 2000، والتي اعتُبرت استفزازًا لمشاعر المسلمين. وقد أسفرت تلك الاحتجاجات عن سقوط عشرات القتلى في اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية.
وفي يوليوز 2018، عندما أقر الكنيست قانونًا يكرّس إسرائيل “كدولة يهودية”، اعترض الدروز على المقترح، حيث ادعوا أنه يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ويشكل “خيانة لتفانيهم وخدمتهم للدولة”.
سوريا و”الاختبار الأكبر”
بعد تسلم الإسلاميين الحكم في سوريا، برزت طائفة الموحدين الدروز كعنصر أساسي في المشهد السوري المعقد، خاصة في ظل التجاذبات بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وإسرائيل، التي يعتقد بعض المراقبين أنها قد تستغل الفوضى في البلاد، وتضع “الرغبة في حماية الدروز” كذريعة للتقسيم والتوسع، مما يجعل أبناء الطائفة، والمنطقة أمام “اختبار حاسم”، كما وصفته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية
وقال طريف: “أناشد إسرائيل، واليهود حول العالم، والمجتمع الدولي بالتحرك الآن، لمنع وقوع مجزرة. يجب ألا تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام الأحداث التي تتكشف أمامنا الآن”.
ورأى رجل الدين البالغ من العمر 62 عامًا أنه على القادة الإسرائيليين أن يكونوا في مستوى ما أطلقوه من تصريحات وأن يتحركوا على هذا الأساس.
كشف استطلاع حديث لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي أن الطائفة الدرزية التي تشكل حوالي 2% من النسيج الاجتماعي في إسرائيل هي أكثر من يُشعر بالانتماء إليها مقارنة بباقي السكان العرب، حيث أكد هذه الفكرة 80% من الدروز المشاركين في الاستبيان ،يذكر أن هذه الطائفة تتواجد بكثرة بلبنان وسوريا،
و يحدد الميثاق الوطني لعام 1943 نظام لبنان بأنه برلماني طائفي قائم على نتيجة المفاوضات بين تيارات الشيعة والسنة والموارنة وقتها لتكون السلطة السياسية بعد هذا التاريخ ولغاية اليوم بيد الطوائف؛ فرئيس الجمهورية مسيحي ماروني، ورئيس مجلس الوزراء مسلم سني، ورئيس مجلس النواب مسلم شيعي. أما نائبه، فمسيحي أرثوذكسي، ورئيس الأركان العامة درزي.
في ظل الانقسام السياسي اللبناني (تخصيص المقاعد في البرلمان اللبناني)، يتم تصنيف الطائفة الدرزية كواحدة من المجتمعات اللبنانية المسلمة الخمس (السُنّة والشيعة والدروز والعلويَّة والإسماعيلية). وكان الغرض من الدستور اللبناني هو ضمان التمثيل السياسي لكل مجموعة من الإثنيات الدينية في البلاد.
ومن بين العائلات المعروفة في التاريخ اللبناني ،التي تنتمي لطائفة الدروز،عائلة ال حمدان يُعتقد أنها تنتسب إلى حمدان بن حمدون، قبل عائلة الزعيم الحالي جمبلاط ،فعائلة آل حمدان وهو شيخ قبيلة تغلب ومؤسس دولة الحمدانيين في شمال سوريا التي وسّع ابنه عبد الله وحفيده سيف الدولة حدودها، فاستقل سيف الدولة بحكم حلب سنة 944 م حتى سنة 967 م وأعلن الولاء للفاطميين وحارب البيزنطيين، وفي سنة 991م قضى الفاطميون على دولة الحمدانيين، ويُعتقد أنه في هذه الفترة، قدم قسم من هذه الأسرة من حلب إلى لبنان، وسكنوا قرب بيصور وحارة جندل ودير كوشة، وحكموا منطقة المناصف التي استخلصها منهم آل نكد في أوائل العهد الشهابي، فنزحوا تباعا إلى قرية باتر. وفي سنة 1685 ذهب الأمير علم الدين المعني إلى سوريا، وأخذ معه الشيخ حمدان الحمدان ومائة وخمسين فارسا، وأنزلهم في خمس قرى من جبل حوران، الذي عُرف بعدئذ بجبل الدروز، وبعد عودة الأمير علم الدين، تولى وكيله الشيخ حمدان زعامة القوم، واستمر حكم آل الحمدان في جبل الدروز حتى حل محلهم آل الأطرش عام 1969 في القرن التاسع عشر. أما من بقي من آل حمدان في لبنان، ما زال موجودا عدد من ذريتهم في باتر الشوف وعين عنوب وميمس في وادي التيم وأماكن أخرى في لبنان. وفي الجبل يعيشون في شهبا والعفينة. وفي إسرائيل يعيش آل حمدان في يانوح وعسفيا والرامة.
ومن بين مفارقات هذه الطائفة ،وارتباطا بالوضع في سوريا منذ حكم آل الأسد، فقد حُكم على زعماء دينيين دروز بالسجن لرفضهم الدعوة إلى إعادة انتخاب بشار الأسد، كما يرفص الكثير من الدروز خدمة التجنيد الإجباري في الجيش العربي السوري أو الانضمام للميليشات الموالية للحكومة، بالمقابل أكد العديد من الدروز في محافظة السويداء والذين يقطنون في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل ولائهم الأسد، ومن الميليشات الدرزية الموالية للحكومة كل من جيش الموحدين التي تناصر نظام الرئيس السوري بشار الاسد واحد أهم الداعمين له، وفوج الجولان هي ميليشيا يغلب عليها الدروز وهي جزء من قوات الدفاع الوطني ومنذ عام 2014 هي وحدة موالية للحكومة، فيما يُعد موقف باقي الوطنيين الدروز من الحرب الأهلية غامضًا.