وجهة نظر

المغرب… على سكة التنمية الحضارية نحو التموقع بين عظماء العالم بقلم: هشام فرجــي

يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تحولات عميقة وشاملة في مختلف المجالات، تجعله في مصاف الدول الصاعدة بثقة وثبات. فمنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش المملكة، انطلق قطار التنمية بخطى متزنة، راسماً معالم مشروع مجتمعي حداثي يُزاوج بين الأصالة والمعاصرة، ويصبو إلى تموقع حضاري استراتيجي وسط عظماء الأمم.
لقد اختار المغرب، عن وعي وتخطيط، أن لا يكون مجرد تابع في عالم متغير، بل أن يبني نموذجه التنموي الخاص القائم على الإنسان، والمجال، والعدالة، والتوازن بين النمو الاقتصادي والنهوض الاجتماعي.
طفرة اقتصادية بمشاريع مهيكلة
تعتبر البنية التحتية القوية، أحد أهم تجليات هذه النهضة. فالمغرب اليوم يفتخر بقطار فائق السرعة “البراق”، وميناء طنجة المتوسط المصنف ضمن أفضل موانئ العالم، إلى جانب شبكة طرق سيارة ومطارات بمعايير دولية. كما انخرط بقوة في الطاقات المتجددة، عبر مشاريع كبرى مثل محطة نور ورزازات، مما جعله نموذجًا بيئيًا في القارة الإفريقية.
أما المجال الصناعي، فقد شهد قفزات نوعية، لاسيما في قطاعات السيارات، الطيران، وصناعة الأدوية، مع تزايد الاستثمارات الأجنبية بفضل مناخ أعمال جذاب واستقرار سياسي فريد في محيطه الإقليمي.
تنمية بشرية وعدالة اجتماعية
لم يقتصر المشروع التنموي المغربي على الاقتصاد فحسب، بل أولى اهتمامًا بالغًا بالعنصر البشري. فمن خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرامج الحماية الاجتماعية، وتعميم التغطية الصحية، أصبحت الفئات الهشة في صلب السياسات العمومية. كما يتم العمل على تجويد التعليم وتطوير التكوين المهني ليواكب تحديات العصر.
هوية حضارية متجددة
ورغم كل هذا الانفتاح على الحداثة، لم يفقد المغرب بوصلته الحضارية. فهو نموذج نادر في التوازن بين التنوع الثقافي والوحدة الوطنية، وبين الانتماء الإفريقي، العربي، الأمازيغي والإسلامي، وبين روح الانفتاح على الآخر، وصيانة الثوابت الدينية والوطنية.
إن ترميم المدن العتيقة، والاهتمام بالثقافة، والاحتفاء بالتراث المادي واللامادي، كلها إشارات قوية على أن التنمية ليست مادية فقط، بل هي كذلك تعبير عن عمق حضاري متجدد.
دبلوماسية ذكية وتموقع دولي وازن
عزز المغرب حضوره الدبلوماسي في القارة الإفريقية، ونسج علاقات رابح-رابح مع العديد من الدول الكبرى، مستثمرًا موقعه الجغرافي الاستراتيجي كهمزة وصل بين أوروبا، إفريقيا والعالم العربي. كما أصبح فاعلًا دوليًا موثوقًا في قضايا البيئة، الأمن، الهجرة، والتنمية المستدامة.
ختامًا…
المغرب اليوم لا ينتظر مكانه بين الكبار، بل يصنعه بخطى واقعية وبإرادة ملكية وشعبية منسجمة. إنه بلد لا يركب قطار التنمية فحسب، بل يقوده نحو المستقبل، بثقة راسخة في إمكاناته، وتشبث أصيل بهويته، وطموح لا يعرف المستحيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى