ثقافة و فن

المخرج الجزائري محمد لخضر حمينة صاحب السعفة الذهبية العربية الوحيدة في مهرجان كان يترجل عن صهوة الحياة..

محمد جرو/الطنطان/تنوير:
برحيل محمد لخضر حمينة، تفقد السينما العربية والأفريقية أحد أبرز رموزها، ومبدعًا استطاع من خلال أعماله أن يحوّل الألم السياسي إلى لغة فنية خالدة،ومن صدف الأقدار أن صاحب فيلم “وقائع سنين الجمر”وجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان ،توفي أمس الجمعة 23 ماي الذي يصادف تنظيم النسخة78 من المهرجان العالمي للسينماء كان ،الذي وجهت له الدعوة لحضوره لتكريمه ..الراحل، الذي لم يتمكّن من السفر إلى “مهرجان كان” هذا العام بسبب تقدّمه في السن(91سنة) حظي بتكريم خاص من خلال عرض نسخة محدثة من فيلمه الشهير “وقائع سنين الجمر”، بحضور ابنه مالك حمينة، الذي أدّى دور طفل في الفيلم قبل خمسة عقود.
ومما خلف موجهة حزن خيمت على دورة “كان” ،خاصة أن تييري فريمو، المفوض العام لمهرجان كان السينمائي،لم يكن يعلم حينما قدّم تحية تكريمية للمخرج الجزائري محمد لخضر حمينة بعد ظهر الجمعة، أن الرجل قد فارق الحياة، حيث أعلنت عائلته بعد ساعات رسميًا وفاته عن عمر ناهز الـ91 عامًا.
وقال مالك، بتأثر واضح، إن الفيلم كان بمثابة “رسالة تدعو للوحدة، لا للانقسام”، مضيفًا: “أراد والدي أن يجعل من السينما أرضًا للقاء، لا للفصل. وهذا التكريم حقيقي وعميق”. ويأتي هذا العرض في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا غير مسبوق، ما أضفى على المناسبة بعدًا رمزيًا خاصًا.

فيلم “وقائع سنين الجمر”، الذي يُعدّ العمل العربي والأفريقي الوحيد الحائز على السعفة الذهبية، أطفأ شمعته الخمسين هذا العام. وقد فاز بجائزة السعفة الذهبية في “مهرجان كان” عام 1975 خلال الدورة الثامنة والعشرين، حين ترأست لجنة التحكيم “جان مورو”، متفوقًا على مخرجين كبار من بينهم مارتن سكورسيزي، فرنر هرتزوغ، ميكيل أنجلو أنطونيوني وكوستا-غافراس. وكان هذا الفيلم هو الرابع في مسيرة حمينة، الذي سبق أن نال جائزة “أفضل عمل أول” عن فيلمه “ريح الأوراس” عام 1967.

عودة إلى شريط أحداث فيلم الراحل محمد لخضر حمينة في سطور ..
*ملحمة ضد الظلم
يمتد الفيلم على مدى ثلاث ساعات تقريبًا، ويُعتبر ملحمة سينمائية ذات طابع سياسي وإنساني، تنطلق من واقع الريف الجزائري في الثلاثينيات، حيث الجفاف والمجاعة وتهميش الفلاحين، وتتناول عبر ستة فصول أبرز المراحل المفصلية بين عامي 1931 و1954، تاريخ انطلاق الثورة الجزائرية.

يروي الفيلم قصة حميد، الشاب الذي التحق بالجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، ليعود إلى بلده ويجده يغلي تحت نيران القهر والظلم، ويندفع نحو الثورة.

ويصفه المخرج في تصريحات سابقة بأنه “فيلم ضد الظلم والإهانة، ويعكس دوافع الثورة الجزائرية”، مضيفًا: “الشباب الذين لم يعيشوا تلك الحقبة، يمكنهم فهمها من خلال الفيلم. أما من عاشها، فسيجد فيها صدقًا كبيرًا في نقل الأحداث”.

الفيلم، في طبعته الأصلية، أثار الكثير من الجدل وقت عرضه في مهرجان كان 1975، حيث يُعتقد أن عناصر من منظمة الجيش السري OAS حاولوا عرقلة العرض من خلال بلاغات كاذبة بوجود قنابل.
أما النسخة الجديدة، فتم ترميمها بعناية لتكون مطابقة للأصل، مع الحفاظ على الروح التاريخية والطابع الإنساني العميق الذي ميّز العمل، ما أتاح لجيل جديد من المشاهدين فرصة إعادة اكتشاف هذا الإنجاز السينمائي النادر.
يذكر في هذا السياق أن الجزائر هي البلد العربي والافريقي الوحيد الذي نالت أفلامها جوائز:
الأوسكار عن فيلم “زاد”للمخرج أحمد راشدي
جائزة الأسد الذهبي” فيلم معركة الجزائر” للمخرج جيلو بونتيكورفو
جائزة السعفة الذهبية” فيلم وقائع سنين الجمر” للمخرج محمد لخضر حمينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى