في إطار إحياء الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد المناضل الكبير عبد السلام المودن، ينظم الحزب الاشتراكي الموحد – “أرضية اليسار الجديد المتجدد” ندوة وطنية يوم الأحد 9 نونبر 2025، حول موضوع ” النزاع في الصحراء الغربية المغربية في ظل التحولات الجيوسياسية الدولية الراهنة”، وذلك على إثر قرار الحكم الذاتي 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم 31 أكتوبر 2025 الذي اعتمد ” ﻧﺺ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻔﺎوض ﻟﺘﺨﻮﯾﻞ اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﻜﻤﺎ ذاﺗﯿﺎ” التي قدمها يوم 13 أبريل 2007 للأمم المتحدة أساسا للتفاوض لحل هذا النزاع الذي دام خمسة عقود. ستعقد الندوة في قاعة علال الفاسي بحي أكدال بالرباط، وستجمع نخبة من المفكرين والسياسيين ونشطاء من مختلف الاتجاهات السياسية المغربية، لتناول قضايا السيادة الوطنية والوحدة الترابية والتنمية في سياق التحولات الدولية الراهنة.
تأتي هذه الندوة في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم تحولات جيوسياسية كبرى، من بينها تصاعد التوترات في أوكرانيا وفلسطين، بالإضافة إلى صعود قوى جديدة مثل البريكس والتحالف الأوراسي، وستناقش الندوة التأثيرات المتزايدة لهذه التحولات على المنطقة المغاربية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية المغربية. يهدف المشاركون إلى تحليل موازين القوى الإقليمية والدولية، وكيفية تأثيرها على وحدة المغرب وتوجهات سياسته الخارجية في مواجهة التحديات الدولية.
سيكون لفكر الشهيد عبد السلام المودن حضور بارز في هذه الندوة، حيث سيتم استحضار فكره حول “نظرية الديمقراطية المغربية” ومفهوم “الطبقة العاملة المهندسة” ودوره في تطوير الفكر اليساري المغربي. ويستمر النقاش حول أطروحته النقدية لقضية تقرير المصير، والتي ربطها بالتحرر الاجتماعي والوحدة الوطنية، بعيدا عن التوجهات الإمبريالية التي تهدد استقرار المنطقة. المودن كان دائما يعتقد بأن تقرير المصير يجب أن يكون جزءا من مشروع تحرري اجتماعي داخل الوطن، وهو ما ستستمر الندوة في طرحه كإطار فكري للتحليل.
من أبرز محاور الندوة سيكون أيضا الموضوع الشائك المتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي تزايدت ضغوطه في السنوات الأخيرة. ستطرح الندوة سؤالا محوريا: كيف يؤثر التطبيع على الهوية الوطنية وعلى القضية الفلسطينية في آن؟ ويؤكد المنظمون أن التطبيع استراتيجية امبريالية تهدف إلى تفكيك المنطقة المغاربية وتفتيت هويتها الوطنية الأصلية، ستعكف الندوة على تسليط الضوء على آليات المقاومة المغربية لهذه الخطوة، وتعزيز الوعي التحرري المغاربي المشترك ضد التغلغل الصهيوني.
من المتوقع أن تتدارس الندوة أيضا أهمية التأسيس لرؤية يسارية مغاربية بديلة، تستند إلى التكامل الاقتصادي والسياسي والثقافي بين دول المنطقة في ظل التحولات الدولية، ما يتطلب حسب موقعي ” أرضية اليسار الجديد المتجدد” ضرورة تحديث الفكر اليساري ليواكب التغيرات والديناميات الراهنة وطنيا وإقليميا ودوليا، مع التأكيد على السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية كأهداف استراتيجية للحركات اليسارية في المنطقة. كما ستتم مناقشة كيفية تموقع المغرب ضمن التحالفات الجديدة خاصة مع صعود الحلف الأوراسي وأفول الحلف الأطلسي خاصة مع الهزيمة الحتمية للغرب بأوكرانيا وخسارته بقطاع غزة بفلسطين، وكيفية تعزيز العلاقات بين دول الجنوب العالمي في سياق التحديات الجيوسياسية الحالية.
من المتوقع، حسب أرضية هذه الندوة الهامة، أن تسفر عن عدة مخرجات فكرية وسياسية، من أبرزها إصدار “إعلان المودن 33” الذي سيجدد الموقف اليساري من قضية الصحراء الغربية، ويربطها بالتحولات الدولية الراهنة، وإنشاء مرصد يساري مغاربي لمتابعة التحولات الجيوسياسية وتحليل تأثيراتها على السيادة الوطنية والديمقراطية لدول المغارب. كما ستصدر عن الندوة توصيات سياسية وفكرية للحزب الاشتراكي الموحد والحركات اليسارية المغربية والمغاربية لتطوير رؤى استراتيجية حول السيادة والوحدة والتنمية، وسيتم أيضا إصدار كتاب توثيقي بعنوان “عبد السلام المودن: فكر التحرر والوحدة في زمن التعدد القطبي”، الذي يستعرض أفكار الشهيد المودن ويساهم في تجديد الفكر اليساري المغربي والمغاربي.
تعتبر هذه الندوة فرصة تاريخية لاستلهام فكر عبد السلام المودن وتجديد المشروع اليساري في المغرب والمغرب الكبير وتأسيس فكر يساري جديد متجدد يتعامل بعمق مع التحديات التي تواجه المغرب والمنطقة المغاربية وعموم القارة الافريقية وخاصة شمالها، ويطرح سياسات عملية لتحقيق الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة في ظل عالم متغير ومتحرك يبحث عن توازن جديد.