لم يعد الكتاب خير جليس وكأنه أضحى قرين السوء

مؤسف جدا ان نطبع مع هذه المشاهد التي تهين العقل .بحيث في عصرنا اصبح فعل القراءة يقاس بمدى مايستهلك مواطن بلد من ساعات في السنة لتصنيف الشعوب هل هي تنعم بالرفاه والكرامة او التخلف والاستبداد والعبودية والقهر .كادت المكتبات ان تختفي من المدن واصبحت متاجر الاحدية مزدهرة في ارقى الشوارع .ونقص بشكل مهول باعة الكتب القديمة.وكذلك المكتبات من الاعداديات والثانويات .والغالب ان القيمين عليها يصنفون في خانة الأشباح جيء بهم بفعل فاعل وهو كاره لفعل القراءة اصلا .فكيف له ان يحببها لناشئة مدرسية.وأصبح التلاميذ يمزقون مقرراتهم امام المؤسسات التربوية كنوع من الانتقام المشفوع بالسخرية من المنظومة التربوية الذي اريد لها الفشل عن قصد وسبق ترصد نهاية كل موسم دراسي.وكانهم في الجدبة .واضحى هذا الأمر طقسا بئيسا ومقرفا الى حد الرثاء .كما شحت البرامج الثقافية من المشهد الاعلامي .وتصدرت التافهة الصدارة منها .وحازت اعلى أرقام المشاهدات .ولم يعد الكتاب أجمل أنيس سواء في شاطئ او مجموعة مدرسية نائية او عند مكتب طبيب.وطال البلى مجلات متسخة عند قاعة الانتظار.واصبحنا نفتقد رؤية قراء عبر القطارات ومحطاتها وفي الحدائق العمومية وحدائق المارستانات.واصبحت تجارة الكتب بائرة او مدعاة للشفقة. ولذلك شاعت الخرافة وافتى الدجالون حتى في مدارس الهندسة .وظهر محللون نفسانيون مزورن في برامج الإذاعة.واساتذة محللون سياسيون في التلفزيون مقيمون به وفيه وكأنهم لاينطقون على الهوى فاشلون في عقر بيتهم اي مدرجاتهم لم يخطوا ولو متنا واحدا بعدما مكثوا دهرا بين جدران الجامعة.وانبرى متفيقهون يلبسون الحق بالباطل.وتلعثم بعض برلمانيونا وهم يتلون ما خطت يمناهم .اما تاليف الكتاب المدرسي الجماعي فالكل اجمع على فضح ترهاته وعاد ريعا لمجيمعة واقصيت اخرى .وهو ضحل المبنى والمعنى.وكنت اشفق على بعض المفتشين وهم في حضرة مدرسين يلحنون.
ان شأن القراءة ليس من اختصاص الساهرين على دواليب الدولة فقط.ولكن هو ايضا من صلب المجتمع المدني الذي عليه ان يبتكر أدوات تثقيفية لمواجهة خصوم طبقيين. وينشد ثقافة بديلة قوامها إعادة بناء الانسان وتخليصه من كل استيلاب. وهنا استحضر واشيد بتجربة ذلك الكتبي المتنقل حسن بن عدادة. الذي يعرض نفائسه من الكتب في بهو مؤتمرات الطيف اليساري.لقد كان الرفيق فديل كاسترو قارئا نهما لروايات غابرييل غارسيا ماركيز.
صردي عبد اللطيف