وجهة نظر

ذ.محمد صلحيوي -ظرفية 2011-2022: الأعطاب الفكرية في لوحة اليسار المغربي(27)

شكلت الهبة الشعبية المتفاعلة مع إنجاز الاسود في قطر 2022، معطى تطور وليس تضليلاَ وإلهاءَ،وأحرجت بعض اليسار النكوصي في تفكيره وثقافتة السياسية،و زلزلت منظومةقيم إنجاز الأسود والهبة الشعبية منطق فعل التردد لدى الكثير من دعاة “الجماهير الشعبية”.
<<وان يثق الجميع بأن وراء ” النهضة الكروية” هناك نهضة مجتمعية و حضارية قادمة لا محالة، بالثقة في النفس و الطموح و العمل و التواضع و بكسر أغلال العبودية القديمة و الجديدة. نهضة أبطالها الشباب المتعطش للحرية و الكرامة و العدالة و الذي تحرر من الحگرة و أصبح يصنع الأمجاد الرياضية و العلمية و يستعد لكتابة صفحات مجيدة من تاريخ التحرر و الانعتاق لشعوبنا و يفعل بثقة على تحقيق التغيير الديمقراطي الشامل المنشود و بناء مجتمع العلم و المعرفة و الرياضةوالفنون والعدالة الاجتماعيةوالمناطقية>.
إن هذه الفقرة للدكتورة نبيلة منيب يجمل الدرس من إنجاز الأسود في ختام ظرفية إجتماعية،إنطلقت في سنة 2011.
صحيح،أن مونديال قطر 2022 قد إنتهى ،ولن يحتفظ التاريخ الكروي العالمي سوى بنتائجه الرقمية، ومنها إحتلال المغرب الرتبة الرابعة.
وصحيح أيضاَ،أن إرتدادات وامتدادات إنجاز أسود الأطلس على /إلى فسيفساء الوضع الوطني،إجتماعياً ومناطقياَوبيئياَ
ومساواتياَ،خاضعة لقراءات ومن زوايا نظر ومواقف قد تكون متعارضة أو متفاوتة، في تصوراتها لتاريخ الوطن وحاضره وطبيعة مستقبله، تخصنا نحن المغاربة دون سوانا.
لكن الأصح الصحيح والمؤكد، “هو أن الشعب المغربي،وهو ينزل إلى الشارع،ليس بشعب فارغ الوعي،بل يتحرك بوعي وثقافة تكرست خلال تعاقب أجيال مابعد ثلاثينيات القرن الماضي؛ الجديد والخطوة النوعيةالتي جاء بها إنجاز الأسود، والتي انضافت لخطوات حركة 20فبراير والحراك الشعبي بمضمون ومعنى متجددين لوطن الغد وللوطنية المطابقة له،والطموح لأن يكون المغرب،شعبا ووطناَ، متقدماَ ومزدهراَ وطن التحديث و الحداثة، وهي المضامين التي فرضها إنجاز الاسود.
والأكثر صحة ودقة يكمن في كون التحرك الشعبي في هبته تلك، تشكل فعلاً،إرتجاجاَ في وعي النخب؛مايشكل مخاضامجتمعياَ،وكما هو الحال في كل التجارب، فهو مفتوح على إحتمالين: التقدم صوب تجديد العقليات والذهنيات ، أو،الإجهاض واستمرار التشبث بكل ماهو مكبل وماضوي،،، تلك هي الوضعية.
لابد من الإقرار والإعتراف  إذن ،بأن الإجتهاد الفكري والثقافي،يحدث في المدى طويل، وهو زمن ثقافي بالطبيعة؛ولكن يبقى السؤال حول، دور ومدى استعداد النخب السياسية و”اليسارية” على وجه الخصوص على القراءة  الإجتهاد ية لحدث حمال للقيم من قبيل “النهضة الكروية والهبة الشعبية” المصاحبة له، فالمهمة قائمة باعتبارها رد فعل إستقبالي؟.
مؤشرات عدةتؤكد الضرورة الكبرى لتأمل تكلس وجمود التفكير لدى فئات واسعة من اليساريين،التكلس المكبل للتقدم والإجتهاد والمكرس لثقافةسياسية تقليدية،من حيث العمق ترسخ ثقافة تشكل العناد الذهني في تعامل تلك القوى مع تطورات المجتمع؛فما معنى التعالي عن الإنجاز الكروي؟وما معنى إشهار فكرة “التضليل والإلهاء” في وجه الهبة الشعبية المتفاعلة مع الإنجاز التاريخي للفريق الوطني المغربي في مونديال قطر 2022؟.
ومامعنى أن يوفر المؤتمر الإندماجي لبعض مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي سابقاَ، شاشات كبيرة لمؤتمراته ومؤتمريه لمتابعة مقابلة المغرب وكرواتيا،ولا كلمة في البيان الختامي لذلك المؤتمر عن الإنجاز التاريخي للفريق الوطني من حيث منظومة القيم التي عبر عنها ومثلها؟
معنى واحد لهذه الإزدواجية في التفكير و الممارسة،هو،التعالي عن الشعب الذي خرج في هبة شعبية من مليلية المحتلة إلى الگويرة،ومن فگيگ إلى البيضاء،وفكرة التعالي هنا هي:هذه مجرد كرة للفرجة،وهي الفكرة الدالة عن خلفية فكرية/سياسية كرستها الحركة الوطنية والإتحادية في تعاملها مع الشعب،وهي الممجدة لكل حدث منتم لسرديتها، و المتعالية عن الحدث غير المنتم لسرديتها،وقد أخذ منطق التعالي تاريخيا عدة أشكال:الرفض وإبداء النصح أو الإستنكار أو إلإبعاد من أي اهتمام، والسلوك الأخير هو الذي اختاره مؤتمر الحركة الإتحادية الإندماجي في تعامله مع منظومة قيم الإنجاز الكروي،ويؤكد البيان المذكور نكوضية هذا المؤتمر إلى الماضي التقليدي للثقافة السياسية،ولم يكن، بالقطع،”تجاوزاَ لأي فكر آخر. إن عدم الإمساك بطبيعة دينامية الحركة الإجتماعية كعطب فكري عند الأحزاب التقليدية يذكر بموقفها من ظرفية إجتماعية سابقة.
يقول المؤرخ المغربي المصطفى بوعزيز : “”ستنطلق منذ أواسط سنة1983،صيرورة بطيئة لفك الإرتباط بين الحقل السياسي والحقل الإجتماغي،[…..] فبينما كان الحقل السياسي يتجه نحو الإنفتاح،كان الفاعلون السياسيون فيه يغلبون فيه منطق” التفاهم السياسي “، لكي لا نقول المساومة، فإن الحقل الإجتماعي[….] سيسير نحو الإحتقان،وسيسوده منطق المواجهة.
[…] ستنفجر في ظل تعارض المنطقين، أحداث يناير1984″”. (الوطنيون المغاربة خلال القرن العشرين.ج الاول ص:87) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى