اخبار دولية

“جيروزاليم بوست” ترد على جمعية أمريكية قاطعت المؤسسات الأكاديمية الإسرائلية

مباشرة بعد إعلان جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية عن تصويتها لصالح قرار مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، اعتبرت الجريدة الإلكترونية الإسرائيلية “جيروزاليم بوست” في مقالها المنشور في اليوم الثاني من شهر غشت الماضي أن الخروج بهذا القرار يعكس مفارقات وتناقضات متعددة ومعايير مزدوجة.
في انتقادها لهذا القرار، تسوق الجريدة أربع ملاحظات تؤكد أولاها أن تقديمه تم في إطار التزام جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية العميق بالحرية الأكاديمية والمناقشة المفتوحة. من ذلك، تستنتج “جيروزاليم بوست” ان المقاطعة الأكاديمية تتعارض مع هذه القيم الأساسية التي تميز الأكاديمية، وتمنع أعضاء هيئة التدريس والطلبة وغيرهم من ذوي الاختصاص من التعامل بفعالية مع نظرائهم في المؤسسات المستهدفة.
تقول الملاحظة الثانية إن مجال الأنثروبولوجيا يلتزم ظاهريا بفهم المجتمعات والثقافات والتجارب الأخرى، لتستنبط منها الجريدة أن الجمعية الأمريكية كمؤسسة، باتخاذها هذا القرار، تعزل نفسها بشكل أساسي عن وجهات نظر وتجارب علماء الأنثروبولوجيا الإسرائيليين. ثم تتساءل: كيف سيكتسب أعضاء جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية فهما أعمق لتعقيدات المجتمع الإسرائيلي إذا لم يتمكنوا من إجراء أبحاث بالشراكة مع المؤسسات؟
على هامش الملاحظة الثانية، تتأسف “جيروزاليم بوست” لكون العلماء الذين من المرجح أن يتأثروا بتنفيذ هذا القرار هم طلبة الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس المبتدئين، الذين سيستفيدون أكثر من المشاركة في برامج الدراسة في الخارج، والمشاريع البحثية، والمؤتمرات الأكاديمية، والندوات، وورشات عملية، ومعارض المتاحف، و المشاريع الأثرية، وكلها فرص تعليمية قيمة أصبحت الآن مهددة.
اما الملاحظة الثالثة فتحدد أن القرار يركز بشكل منفرد على إسرائيل، ويلتزم الصمت المطبق إزاء المآسي التي ترتكبها العديد من الدول الأخرى. وهي تتهم الأكاديمية الإسرائيلية بالتواطؤ في أعمال ضد الفلسطينيين، في حين أن الأكاديميين الإسرائيليين، في الواقع، كانوا في كثير من الأحيان من بين أشد المنتقدين لسياسات الحكومة الإسرائيلية وعملوا بجد لتعزيز التعايش العربي اليهودي في جامعاتهم وخارجها. ويؤكد هذا المعيار المزدوج كيف أن الغرض من هذا القرار ليس تعزيز حقوق الإنسان، بل عزل إسرائيل ــ إسرائيل فقط.
بنوع من التحدي، تجزم الجريدة، في ملاحظتها الأخيرة، بأن هذا القرار لن يكون له أي تأثير ملحوظ على سياسات الحكومة الإسرائيلية. لكنها تعترف في المقابل بتأثيره على نحو سلبي على أعضاء هيئة التدريس والطلبة اليهود والصهاينة في الولايات المتحدة.
بلهجة تشتم منها رأئحة دموع التماسيح المصحوبة بالمظلومية، تكتب الجريدة أن عدة دراسات وتقارير وثقت أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) تعمل على تضييق الخناق على الخطاب في الحرم الجامعي، وتعزز التحيز والكراهية ضد اليهود في الحرم الجامعي، وتترك العديد من اليهود يشعرون بالإحباط والضعف داخل مؤسساتهم الأكاديمية وتخصصاتهم.
بعد ذلك، تنتقل إلى التهديد المبطن بإن وجود جمعية أكاديمية بارزة تؤيد بشكل أساسي التكتيك الأساسي الذي تستخدمه حركة المقاطعة (BDS) سيؤدي إلى تنفير العلماء اليهود والصهاينة من مجالات دراستهم الأكاديمية وثني الطلبة عن متابعة دراساتهم في تخصص الأنثروبولوجيا.
وإذ تؤاخذ “جيروزاليم بوست” على جمعية الأنثروبولوجيا الأمريكية عدم رؤيتها للتبعات العملية الكاملة لتنفيذ القرار، تقر بأن الجمعية إياها سمحت بالفعل بمجموعة من الإجراءات التي ستضر بالتأكيد بالباحثين والطلبة الأفراد في إسرائيل وخارجها.
وفقا لإعلان المجلس التنفيذي لـلجمعية، ستمنع المقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية من الظهور والإعلان ضمن منشورات الجمعية على صفحات المواقع الإلكترونية وقنوات الاتصال الأخرى. كما سوف يتم منعها من استخدام مرافق مؤتمرات الجمعية لإجراء مقابلات العمل، ومن المشاركة في كلية الدراسات العليا التابعة لها، وفي برنامج خدمات أقسامها، وفي مؤتمرات أو أحداث مشتركة مع الجمعية وأقسامها. وسوف تمنع إعادة نشر وإعادة طباعة مقالات من منشورات الجمعية في المجلات والمطبوعات الإسرائيلية.
بعد ارتداء قناع مقدم الدروس، تقول الجريدة إن تصرفات مجموعة صغيرة من المنظرين الإيديولوجيين (حيث صوت 37% فقط من أعضاء الجمعية المؤهلين للتصويت على القرار)، ألحقت ضرراً جسيماً، وربما لا يمكن إصلاحه، بسمعتها كمؤسسة أكاديمية.
وإذا تم تنفيذ المقاطعة بالفعل، ستكون الجمعية قد انتقلت من جمعية أكاديمية ملتزمة ظاهريا بفتح تحقيق فكري في مجموعة مناصرة تمثل معتقدات سياسية وإيديولوجية. وسوف تطرد العديد من أعضائها الذين لا يريدون أن يرتبطوا بسياسات تمييزية، وسوف تواجه تحديات قانونية في ملاحقة مثل هذه السياسات، وخاصة في الدول التي لديها قوانين مناهضة لمقاطعة إسرائيل، تتوقع الجريدة.
في غضون ذلك، فإن علماء الأنثروبولوجيا الذين يرغبون في اتخاذ موقف من أجل الحرية الأكاديمية وضد المعايير المزدوجة لديهم مجموعة من الخيارات. ويمكنهم التواصل مع كبار المسؤولين في جامعاتهم لضمان الحفاظ على البرامج المشتركة مع المؤسسات الإسرائيلية أو حتى توسيعها. يمكنهم تقديم معلومات حول إسرائيل المعاصرة، والهوية اليهودية، ومعاداة السامية في المؤتمرات، مما يوفر لأعضاء الجمعية الفرصة لسماع وجهات نظر جديدة. ويمكنهم تشجيع جامعاتهم على عدم الانتساب إلى الجمعية وإسقاط عضويتهم، طالما استمرت في سياستها المتمثلة في مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية.
من المؤسف أن المصادقة على قرار المقاطعة في الجمعية الأمريكية سيكون بمثابة مصدر إلهام للأيديولوجيين في الجمعيات الأخرى لمتابعة حملات مماثلة، والأمر متروك للباحثين المسؤولين لإثبات أن التمييز له عواقب، تختم الجريدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى