كلمة تأبينية في حق الراحل العزيز الكبير الرفيق الفذ إبراهيم ياسين / مصطفى مفتاح
كلمة تأبينية في حق الراحل العزيز الكبير الرفيق الفذ إبراهيم ياسين قلتها و هو يتوسد التراب في مثواه الأخير في مقبرة “النسيم” بالمحمدية:
مات ابراهيم ياسين
صمتٌ قاطع صقيعُهُ، صمتٌ شاهقٌ شاهدٌ على منارةٍ ترحل
برجًا أنارَ كل هذا الدرب الذي حمَل الربيعَ وأسماءَ الربيعِ أشواكَهُ أشواَقهُ منذ انتفاضة الربيع في 1965.
صمتُ منارةٍ كانت تضيئُ في تواضع جمٍّ مُصرٍّ ثابتٍ حازمٍ متحفظٍ محترِمٍ محترَمٍ محطات هذي المسيرة التي اصْطَفَتْ لها من الأسماءِ الصغيرة: حرف ب، 23 مارس، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، حزب اليسار الاشتراكي الموحد والحزب الاشتراكي الموحدة حتى هذا الوعد الذي لا ينتهي.
كان صوُته الخافتُ الخفيضُ هادرًا يأتينا من الصفوفِ الخلفيةِ للمؤتمرات والاجتماعات الحاسمة والعادية فنصيخُ السمعَ جيدا لأن السي ابراهيم يتكلم: فادخلوا أيها الخارجون للتدخين والتعليق واستمعوا في صمتٍ: َفَنْسَتِمْع.
كان إصراره على رأيه إصرارا على احترام الرأي الآخر وواجب التعبير عنه.
السي ابراهيم يرمزُ لبساطةِ وصرامةِ وسهولةِ وتعقيداتِ المسؤوليةِ التي لا تحِبُّ الكلماتِ المهووسةَ بالجلَبَةِ الطنانة ولا يحبُّ المنصات.
كم مرًة قادنا وهو خارج الكراسي بإرادته وكم مرة اكتفى بالابتسام.
رفيَقنا العزيز جمعتَ تدخلاتك المقتضبةَ البليغةَ وكابْدت في صمتٍ مُكابِرِ الكِبْرياء منذُ أشهُرٍ وابتسمتَ واسترحتَ حين آنَ أوانُ الرحيل.
كنت منارةً برجًا وما تزال، أنت الهرمُ
وداعا أيها القائد المتواضع العظيم أيها الرفيق الفذ ابتسم بحكمتك المعتادة وارحل في هدوء.