ثقافة و فن
فيلم “روتيني” للمخرج لطفي أيت جاوي في مواجهة صناعة التفاهة الاجتماعية -عبد المجيد الذهبي

الفيلم المغربي ” روتيني ” للمخرج لطفي أيت الجاوي صرخة سينمائية ضد صناعة التفاهة في المواقع الاجتماعية وما قد ينتج عنها من انهيار في العلاقات الاسرية والاجتماعية.
قد نكون فكرة الفيلم تداولت من قبل لكن المخرج لطفي أيت جاوي استطاع بذكائه من خلال سيناريو محبوك أن يتخطى المعهود ويجعل المتفرج مشاركا في أحداث الفيلم حيث تمكن من جعل المتفرج أقرب إلى جو الفيلم، وفي اعتقادي اعتماد المخرج لطفي في أهم منعطفات الفيلم على اللقطات القريبة (plan rapproché) والمتوسطة (plan moyen) جعل هذا الاختيار ممكنا، حيث أصبح المتفرج أقرب إلى شخصيات الفيلم أكثر وتموقع معها زمانيا، مكانيا ووجدانيا دون تكلف.
فيلم “روتيني” لم يتناول الظاهرة من أعلى بل تعمق داخلها وجعلها الهدف الأساسي دون الخوض في مواضيع جانبية كما في بعض الأفلام مما يفقد الخط الدرامي واقعيته، خصوصا أن الفيلم طرح الجانب التربوي بحدة من خلال شخصية الطفلة التي وطيلة الفيلم تؤكد على التأثير السلبي عليها وعلى دراستها، حيث أكد المخرج ما من مرة خلال الزمن الدرامي على خطورة هذه الظاهرة على أبنائنا و ما قد تسببه من ضرر مادي ونفسي عميق قد يعصف بكل القيم النبيلة، و يستمد الفيلم قوته في المزج بين الفرجة والرسالة من خلال اللعب المقنع للفنانة ماجدولين الإدريسي و الفنان عزيز داداس من خلال أدوار مركبة بين الزوج والمهني والجار والأب، و نظرة المجتمع المزدوجة بين رافض وقابل.
أن اعتماد المخرج على سياسية المقاربة التفاضلية في بعض اللقطات التي تعكس النظرة الشمولية للرسال الفيلمية للظاهرة حيث من خلال تركيب لقطات تضع المشاهد في مقارنة نقدية لمشاهد يومية معتادة لكن لا ننتبه إليها، (اللقطة التي جمعت حفل توقيع كتاب وتكريم المؤثرة نورة الرجولة – أقصد الممثلة ماجدولين الادريسي – وبين الحلم والواقع في لحظة تلاعب المخرج بالمشاهد حين جعله يحلم مع الممثل عزيز داداس أثناء ولوجه المحكمة كأحد المشهورين.
في النهاية أعتقد أن فيلم ” روتيني «للمخرج لطفي أيت جاوي يستحق المشاهدة لما يحمل من رسائل ناقدة لظاهرة صناعة التفاهة وتـأثيرها السلبي على الناشئة والمجتمع بصفة عامة.