قناة تنوير

محمد الأشعري: اللغة الفرنسية رافد ثقافي لا ينبغي التخلي عنه

الحنبلي عزيز- متابعة

 أكد محمد الأشعري، الشاعر والروائي ووزير الثقافة الأسبق، أن اللغة الفرنسية تُعد مكسباً حقيقياً للثقافة المغربية، ولا يجب التخلي عنها بسهولة.
وقال الأشعري، خلال مشاركته في ندوة نظمتها “الجامعة الربيعية لفيدرالية اليسار الديمقراطي” تحت عنوان “المسألة اللغوية وبناء الدولة الوطنية”، إن مسؤولاً فرنسياً أخبره ذات مرة بملاحظة مثيرة، مفادها أنه خلال توتر سياسي بين المغرب وفرنسا، ظهرت دعوات إلى التخلي عن الفرنسية لصالح اللغة الإنجليزية.

وتابع الأشعري قائلاً: “كأن اللغة الفرنسية مجرد منتج نشتريه من متجر ونستطيع الاستغناء عنه متى نشاء، وكأنها بلا جذور ولا تاريخ”. وأضاف أن المسؤول الفرنسي نفسه أجرى إحصاءً حول الصحافة المغربية، فاكتشف أن أغلب من دعوا إلى استبدال الفرنسية كانوا من المتحدثين بها.

وانتقد الأشعري الطريقة التي يُدار بها النقاش اللغوي في المغرب، معتبراً أن “الاعتبارات الظرفية والمصالح الخاصة تطغى على النقاش، بدل أن يكون مبنياً على اختيارات مبدئية وواضحة”.

وفي مداخلته خلال الجلسة الافتتاحية للجامعة الربيعية بمدينة الجديدة، أوضح الأشعري أن اليسار المغربي لم يُولِ موضوع اللغة الأهمية التي يستحقها، لأسباب تاريخية وأيضاً بسبب التركيز على المضامين أكثر من اللغة ذاتها.

وأشار إلى أن تجاهل مسألة اللغة كان له أثر سلبي عميق، ليس فقط على التعليم والتواصل، بل أيضاً على الثقافة والهوية الوطنية وبناء الدولة الحديثة.

واعتبر الأشعري أن الحركة الوطنية، في سعيها لمواجهة الاستعمار الفرنسي، دمجت اللغة العربية بالدين، مما منحها طابعاً مقدساً لا يزال حاضراً حتى اليوم. وأوضح أن هذا التوجه التاريخي أدى إلى تهميش التعدد اللغوي في المغرب، خاصة اللغة الأمازيغية والدارجة، التي اعتُبرت دائماً لغة “دنيا” مقارنة باللغة العربية الفصحى.

وأكد أن الاهتمام باللغة ظل لفترة طويلة محصوراً في مطالب سياسية وإيديولوجية، سواء في الدفاع عن العربية أو المطالبة بالاعتراف بالأمازيغية أو العامية، دون التطرق إلى اللغة بوصفها أداة معرفية وتعليمية وثقافية.

واختتم الأشعري حديثه بالتأكيد على أن المغرب عاش لعقود وضعاً لغوياً هجيناً، نتيجة قرارات سياسية متسرعة، مثل التعريب ثم التراجع عنه، دون أن تستند إلى دراسات علمية حول اللغة ووظائفها، مما ساهم في تعميق الأزمة اللغوية بالمملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى