وجهة نظر

القانون 59.24 المنظم للتعليم العالي : هل يستقيم النقاش العمومي في ظل نسختين مختلفتين، إحداهما معممة والأخرى سرية ؟ عبد الحق غريب

   قبل الجواب عن هذا السؤال…

في سياق المواقف الصادرة عن بعض مكونات المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بخصوص مشروع القانون 59.24 (الجامعيون الديمقراطيون، العدل والإحسان، تيار الأساتذة الباحثين التقدميين)، أما آن الأوان للتعاطي مع الملفات المصيرية التي تهم مستقبل الجامعة العمومية بوضوح ومسؤولية وبشكل موحد ؟

لماذا ؟
لأن التجارب السابقة، آخرها الإصلاحات البيداغوجية التي اعتمدها أمزازي (الباشلور) وبعده ميراوي (الإصلاح الهجين)، تؤكد أن الاكتفاء ببيانات وخطابات هذا المكون او ذاك لم يكن له أي تأثير.. فبالرغم من صياغتها القوية، فهي لا تحقق الغاية المرجوة، ولا تغير في موازين القوة، اللهم “إبراء الذمة”… بل تخدم أجندة الوزارة أكثر مما تحمي مصالح الجامعة والأساتذة.. وذاكرة الأساتذة الباحثين ليست مثقوبة.

الوضع الحالي يفرض الانتقال من المبادرات المشتتة ومن منطق التصريحات والبيانات إلى منطق الفعل الموحد في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي، على غرار ما قامت به النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، التي أعلنت عن برنامج نضالي واضح يتضمن إضرابات وطنية متفرقة ووقفات احتجاجية طيلة شهر شتنبر القادم.

لماذا هذا التوجه ضروري؟
لأن الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي لا يولي الاهتمام الكافي للعمل النقابي، ولا يؤمن بالمقاربة التشاركية الحقيقية، بل يوظفها لأغراض شكلية وإعلامية… واكاد اجزم أنه لا يعير المكتب الوطني أدنى اعتبار، فهو لا يراه شريكا، بل واجهة لتضليل الرأي العام.

ما الذي يثبت ذلك؟
الأمثلة عديدة.. آخرها تسليم المكتب الوطني للنقابة نسخة من مشروع القانون 59.24 (مختلفة عن النسخة المتداولة) في الوقت الذي كان فيه المجلس الحكومي يستعد لمناقشة هذا المشروع، رغم أنه وعد المكتب الوطني بعدم إدراج مشروع القانون ضمن مسطرة التشريع..

تخيلوا معي.. الوزير وعد المكتب الوطني ثم”غدر” به في وقت وجيز.. هنا يحق لنا ان تتساءل : هل يستحق الجلوس معه بعد ما وقع ؟

الآن… ما العمل؟
المكتب الوطني مدعو، بعد أن تبيّن عدم احترام الوزير لالتزاماته وغياب جديته، إلى اتخاذ مبادرة عاجلة تتمثل في دعوة اللجنة الإدارية للاجتماع، بهدف بلورة موقف واضح وحاسم من أجل الضغط لسحب المشروع وإرجاعه إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول..

إن النقابة الوطنية للتعليم العالي تتحمل كامل المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة الدقيقة، وعليها أن تنتقل من موقع التنديد اللفظي والعمل المبعثر إلى الفعل الميداني والموحد، دفاعا عن استقلالية الجامعة وحكامة مؤسساتها وحماية كرامة الأستاذ الباحث..

ختاما… وللعودة إلى السؤال الوارد في العنوان، أود أن أشير إلى أنني لم أتطرق، إلى حد الآن، إلى القانون 59.24 ولم أدلِ برأيي بشأن مضامينه..

والسبب بسيط، مفاده ان النسخة من مشروع القانون التي أتوفر عليها، هي نفس النسخة المتداولة لدى وسائل الإعلام والرأي العام، وهي ليست نفسها التي سلمتها الوزارة للمكتب الوطني للنقابة، ما يطرح تساؤلات جدية حول حق الأساتذة الباحثين في الاطلاع على مضامين مشروع قانون يهمهم وإبداء رأيهم حوله.

هذه بدعة جديدة في العمل النقابي اعتمدتها الحكومة سابقا في ما يخص مشروع إصلاح التقاعد، والذي تصدت له ونقلته إلى الرأي العام الكنفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، ليكشف عن نمط جديد من اصطفاف الحكومة والنقابات في التعتيم على مصالح القواعد…

وإذا تسللت هذه البدعة إلى النقابة الوطنية للتعليم العالي، فاقرأوا الفاتحة.

آن الأوان للمكتب الوطني أن يغسل ماء الوجه بعد صمته المريب أمام القانون الإطار 51.17 وقانون إصلاح التقاعد وقانون الإضراب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى