اخبار دولية

قراءة أخرى لمنح الفنزويلية ماتشادو جائزة نوبل للسلام أو حينما تصبح “عميلة” لأمريكا “صانعة السلام”

محمد جرو/تنوير
نكتة جائزة نوبل للسلام هذه السنة والبالغة قيمتها 1.2 مليون دولار تستمد سخريتها من سعي دونالد ترامب إلى لحصول على الجائزة بأية وسيلة معتبرا نفسه “مهندسا” لوقف إطلاق النار بغزة عبر خطته ذات 20 نقطة التي كان يمني النفس بالفوز بها، بل وبإصرار يقول إنه أحق بها على غرار أربعة من أسلافه من رؤساء أمريكا.
ذكرني ذلك ببلدي وسلوكيات “باك صاحبي ووصاني عليك”، إذ يحصل في مباريات وتوظيفات وغيرها أن “يختار أو يفوز “من يملك “كو-د-بيسطون” وقد يكون متأخرا في دفع وثائقه وترشيحه مثل ماحصل لترامب. فالترشيحات لنيل جائزة نوبل تغلق أبوابها في يناير ولكنه فتح الأبواب لماتشادو الفنزويلية لتفوز بالوكالة عنه. لذلك ليس غريبا أن تمنحه “شرف” الحصول عليها حيث زكته بما لايدع مجالا للشك بتصريحها الذي قالت فيه: “نحن على عتبة النصر، واليوم أكثر من أي وقت مضى نعول على الرئيس ترامب، وشعب الولايات المتحدة، وشعوب أمريكا اللاتينية، والدول الديمقراطية في العالم كحلفائنا الرئيسيين لتحقيق الحرية والديمقراطية. أهدي هذه الجائزة إلى الشعب المعذب في فنزويلا وإلى الرئيس ترامب لدعمه الحاسم لقضيتنا!”
وكان ترامب قد أظهر دعمه لماتشادو في يناير لتعبيرها “السلمي عن أصوات وإرادة الشعب الفنزويلي من خلال مئات الآلاف من المتظاهرين ضد النظام”.
بالعودة لقراءة ماجرى مع صاحبة الجائزة يتضح جليا أن الجائزة واللجنة الخماسية التي تمنحها انحرفت منذ زمن حينما أصبحت تمنح لدعاة الإرهاب والمتطرفين وغيرهم في ضرب للهدف النبيل الذي سعى إليه مؤسسها ألفريد نوبل، خاصة بالنسبة إلى شق السلام في جوائز نوبل، وماماتشادو إلا واحدة من هؤلاء المصطفين وراء الصهيونية والمحرضين على إحتلال بلدانهم لصالح الأمبريالية ومعتنقيها..
“عميلة” ترامب كما يحلو للكثيرين من كتاب ومثقفين بالعالم وصفها وقد عبر الكثير منهم عن سخطهم ورفضهم منح الجائزة لها خاصة من داخل فلسطين و فنزويلا وخارجهما، و هي كذلك عملية لنتنياهو، وللغرب الإستعماري الإمبريالي وطلبت تدخلهم بشكل علني، وأيدت العقوبات الأميريكية على بلادها. وقبل ذلك ماتشادو أرسلت سنة 2018 رسالة لنتنياهو تطلب: تدخّل دولي في فنزويلا، أهدت نوبل لترامب، الذي يدعمها منذ يناير الماضي، وقبلها ماتشادو اجتمعت مع جورج دبليو بوش بالبيت الأبيض في 2005.
هي إذن “عميلة” نضالها طويل. فالجائزة تقدم تزامناً مع نشر أميريكا أساطيل ووحدات عسكرية في البحر الكاريبي قريبا من فنزويلا:
(سفن حربية مدمرات (Aegis)، غواصات نووية، طرادات (VLS لصواريخ طويلة المدى)، سفن برمائية، طائرات مقاتلة قصيرة الإقلاع/الهبوط (F‑35B)، مجموعات برمائية، مروحيات نقل وهجوم (CH‑5, AH‑1Z)، وطائرات نقل مروحية مائلة (MV‑22 Osprey)، طائرات بدون طيار استطلاعية/مسلحة (MQ‑9 Reaper)، طائرتين MQ-9 Reaper ، صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، الخ..
تبرر الإدارة الأمريكية هذا كله بمكافحة الكارتلات. يعني أن هناك وجودا عسكريا كبيرا وقابلا للاستنفار.. وبنفس الوقت ماريا كورينا ماتشادو، تطالب واشنطن وحلفاءها، بتدخل عسكري خارجي ضد بلدها. ماريا كورينا ماتشادو وحزبها Vente Venezuela وقعوا اتفاقية تعاون مع حزب ليكود الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو.
ماريا كورينا ماتشادو، كانت واحدة من الشخصيات التي وقّعت على مرسوم كارمونا (Carmona Decree) سنة 2002، وهو الإعلان الذي صدر بعد الانقلاب القصير على الرئيس هوغو تشافيز.
أسست ماريا كورينا ماتشادو منظمة للدفاع عن الديموقراطية (Sùmate). لكن الوثائق الأمريكية نفسها تؤكد:
(من وزارة الخارجية والكونغرس) أن USAID وذراعها الخاص بفنزويلا.. المعهد الوطني الديمقراطي NDI.. إضافة إلى المعهد الجمهوري الدولي IRI.. قدّموا تمويلا مباشر وغير مباشر ل Súmate!! والكل هناك بفنزويلا علموا بذلك.
أميريكا تريد“ديمقراطية” في فنزويلا، مثل نماذج “الديموقراطيات” في العراق، وليبيا وغيرها من بلدان العالم التي تدخلت فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..
وفي واقع الحال يريد الملياردير دونالد ترامب والولايات المتحدة ثروات فنزويلا وهي: النفط، الغاز، الذهب، الخ .. كل الموارد التي تجعل كاراكاس مطمع لواشنطن.
فنزويلا تتوفر على أكبر احتياطي نفط مؤكد في العالم ومعتمد من كل المنظمات الدولية مثل أوبك (OPEC) ووكالة الطاقة الأميريكية (EIA). فنزويلا من أغنى دول أميريكا اللاتينية بالذهب يوجد بها الماس، البوكسيت، الحديد، الفحم، النيكل، المنغنيز، واليورانيوم. بالإضافة إلى غابات شاسعة وغنية بالأخشاب النادرة. ثم هناك القهوة، الكاكاو، القصب السكري.والطاقة الكهرومائية. فنزويلا لديها من أكبر السدود في العالم: سد Guri Dam.. ومحطة Central Hidroeléctrica Simón Bolívar
الموضوع ليس جديدا، خاصة بالنسبة للدول العربية التي ياحسرة كانت “محصنة” في السبعينات عندماحظرت النفط العربي، أيام كانت المنطقة العربية تحت حكم “زعماء” كانت بينهم اختلافات بحيث وقتها، قررت الدول العربية المصدرة للنفط (ضمن منظمة الدول العربية المنتجة للنفط OAPEC / OPEC) فرض حظر نفطي على الولايات المتحدة والدول التي دعمت الكيان الصهيوني، لذلك تولدت لدى أميريكا عقدة اسمها “الطاقة” و تسعى للسيطرة عليها وعلى الدول التي تتوفر على كل الثروات. واليوم نفس اللعبة تتكرر:
تلميع صورة “معارضة” لنظام فنزويلا وفي الواقع يمكن أن تسمى “عميلة” مادامت تسعى لخراب بلدها رغم حصولها على حزمة اعترافات وجوائز وغيرها من أوجه الدعم عبر العالم الغربي وحلفاء واشنطن.
إعطاء جائزة نوبل كغطاء “شرعي” والهدف الحقيقي: فتح الطريق أمام أميريكا والشركات الأميريكية لتبتلع ثروات فنزويلا.
وبذلك أصبحت جائزة الراحل ألفريد نوبل للسلام تمنح لصانعي الحروب، الإرهاب، وأداة تلميع الاستعمار الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى