اخبار دولية

لماذا افتقد إيمانويل ماكرون المرونة في سياسة الحزم التي ينتهجها في النيجر؟

أحمد رباص

دافع الرئيس الفرنسي بشدة، يوم الاثنين، عن تعنت باريس تجاه الجنود الذين وصلوا إلى السلطة بالقوة في النيجر.
تبعا لذلك، قال الرئيس الفرنسي يوم الاثنين 28 غشت أمام السفراء الفرنسيين المجتمعين في باريس لحضور مؤتمرهم السنوي:
“لو لم تتدخل فرنسا، ولو لم يسقط جنودنا في ميدان الشرف في إفريقيا، ولو لم يتم اتخاذ قرار بشأن [العمليات العسكرية] سيرفال ثم برخان، لما كنا نتحدث اليوم عن مالي، ولا عن بوركينا فاسو. ولا عن النيجر”. وأضاف أن “هذه الدول لن تكون موجودة اليوم ضمن حدودها الإقليمية”، مشددا على أن فرنسا تدخلت ضد الجهاديين بناء على طلب دول الساحل هذه.
لا زال عسكريو النيجير، الذين استولوا على السلطة في نيامي يوم 26 يوليوز الماضي، يحتجزون الرئيس المخلوع محمد بازوم. واتخذوا من فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، هدفهم المفضل، فيما تدعو باريس إلى العودة إلى النظام الدستوري وتبقى على اتصال بالرئيس بازوم المنتخب في 2021.
مساء يوم الجمعة الأخير، تصاعد التوتر عندما أمهل الجيش السفير الفرنسي سيلفان إيتي 48 ساعة لمغادرة المنطقة، وهو ما رفضته باريس، بحجة أن هذه الحكومة غير شرعية وليس لديها سلطة لتقديم مثل هذا الطلب.
وأشاد إيمانويل ماكرون بعمل السفير، وأعلن أنه لا يزال في نيامي. واستطرد قائلا: “واجهت فرنسا والدبلوماسيون في الأشهر الأخيرة أوضاعا في بعض البلدان الصعبة بشكل خاص، سواء في السودان حيث كانت فرنسا نموذجا، أو في النيجر في هذه اللحظة بالذات، وأحيي زميلكم وزملاءكم الذين يستمعون انطلاقا من مقرات عملهم”.
من ناحية أخرى، علقت باريس مساعداتها التنموية وتعاونها العسكري، دون إلغاء اتفاقيات الدفاع القائمة مع النيجر كما طالب بذلك الجيش في نيامي.

من الملاحظ، بشكل ملموس، أن ما يناهز 1500 جندي فرنسي لا زالوا موجودين في النيجر، التي أصبحت محور نظام فرنسا المناهض للجهاديين في منطقة الساحل، لكن هؤلاء الجنود الفرنسيين يخشون الآن الاضطرار إلى حزم أمتعتهم. وفي مالي وبوركينا فاسو، حيث وقعت انقلابات متتالية، اضطرت فرنسا العام الماضي إلى سحب قواتها ولم يعد لها سفير هناك.
تطرق الرئيس الفرنسي بشكل عابر إلى واشنطن – التي لها 1100 جندي في النيجر – وبعض الدول الأوروبية التي تدعو إلى حل دبلوماسي للأزمة. وشدد على أنه “من واشنطن إلى عواصم أوروبية أخرى، سمعت أصواتا، وقرأت الصحف […] التي اوضحت لنا: “لا تبالغوا، فالأمر أصبح خطيرا”. “قلنا إن فرنسا منخرطة أكثر من اللازم في دعم الرئيس بازوم… ماذا سنفعل لو حدث انقلاب في بلغاريا أو رومانيا؟”. “هل نكتفي بالنظر لأنهم عرضوا علينا وزيرا أول؟ يتساءل الرئيس ويضيف: “نحن لا نتعامل بمعايير مزدوجة”.
إلى ذلك، أضاف أن محمد بازوم “رجل نزيه ومنتخب ديمقراطيا وشجاع”. “لأنه لم يقدم استقالته، معرضا حياته للخطر”.
ودعا إيمانويل ماكرون على الفور زعماء المنطقة إلى تحمل المزيد من المسؤولية في مواجهة “عدوى الانقلابات في جميع أنحاء منطقة الساحل”، معتبرا أن “جوهر الرد” يجب أن يكون سياسيا. “أدعو جميع دول المنطقة إلى اتباع سياسة مسؤولة”، يؤكد إيمانويل ماكرون، مذكرا بأن بلاده تدعم العمل الدبلوماسي، وتؤيد القيام بعمل عسكري، إذا دعت إليه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وفق مقاربة تشاركية.
في ما يتعلق بالسياسة الفرنسية في إفريقيا، دعا ماكرون إلى “لا أبوية ولا ضعف وإلا فلن نكون في أي مكان”، في حين أنه من الممكن أن تخرج خلالىهذا الأسبوع مظاهرات أمام القاعدة التي تتمركز فيها القوات الفرنسية للمطالبة برحيلها.
بعد مرور ساعات قليلة على هذا الخطاب، أعرب الاتحاد الأوروبي عن “دعمه الكامل” للسفير الفرنسي في النيجر. وقالت المتحدثة باسم السلك الدبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، في بلاغ صحفي، إن “قرار الانقلابيين طرد السفير الفرنسي هو استفزاز جديد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يساعد في إيجاد حل دبلوماسي للأزمة الحالية”، مذكّرة بأن “الاتحاد الأوروبي لا يعترف ولن يعترف بالسلطات الناجمة عن الانقلاب في النيجر”.
عن مجلة “Le Point” بتصرف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى