الخلدونية، مُعَاصِرة، أنموذجا للممارسة التاريخية- الاجتماعية- السياسية-الإبدالية (تعريجة على مشروع مدونة الأسرة للمغرب ( 2004-2024) ذ.عبد الواحد حمزة[1]
I-2)الجزء الثالث/الجغرافية السياسية تفيد أولا وقبل كل شيء في الحرب والعدوان...والمقاومة.

حاولنا في الجزء السابق تبيان جدوى ما أسميناه بـ”الوطنية الخلدونية المعاصرة”، محاولة منا تجديد الفكر الخلدوني، بإلغاء نسبي للفكر الغربي، الأوروبي خاصة، تحت ضربات الأزمة الرأسمالية العالمية منذ بداية العقد الثاني للألفية الثالثة (أزمة 2008، كوفيد 19، الحروب في أوكرانيا والإبادة الجماعية في فلسطين وتصدي المقاومة الفلسطينية والمحور المساند لها في الشرق) وتنكر للانوار. وسنعطي أمثلة تاريخية ومعاصرة وخلفيات نظرية وفكرية، ترجع ارهاصاتها الاولى الى ما يزيد عن النصف قرن ( هنكتكون، فوكوياما، ماسنيون و لفيس… ) توضح ان الجغرافيا ، كما تعلمناها في المدارس، الابتدائية على الارجح، ليست بريءة، براءة الديب من دم يوسف، و ما للجيوسياسيا ولمصالح القوى العظمى وحلفاؤها من أهمية ومنفعة في إشعال فتيل الحروب الإقليمية في المنطقة العربية- الاسلامية، وفي تحريك الجواسيس واعتماد الخونة،… وفي حرب الشوارع والمواقع، واللامكان الرقمي، على عهد البيجر واللاسلكي، اليوم، الخ، وفي بلاد الشرق الاوسط على الخصوص، وتداعيات كل ذللك الطوفان ، على المنطقة والعالم، والمغرب، في عصر الصناعة الرقمية، اليوم،….
(..)وكذا على المستوى الاجتماعي، وحتى فيما يتعلق ببعض مناطق وجهات ومؤسسات المغرب. ذلك أن مؤامرات ودساءس مجحفة بدأت بضعف العرب وعدم افتطانهم لما يحاك ضدهم ،البارحة قبل اليوم، من طرف الخصوم والأعداء، وحتى من طرف بعض الاقرباء، من خونة الامة العربية -الاسلامية، على حد سواء.، وسنحاول معالجة هذا في نقطتين، لنلامس كيف تجيب الجبوسياسيا على موضوع تفكيك الدول والمؤسسات، ومنها، تلميحا، مؤسسة العاءلة..
3- 1: افقدتنا الجغرافية السياسية العالمية براءة الاطفال و نبهتنا لجهل الاساتذة
(..) وفي ما يتعلق بالداخل، ولأن السلطة الحاكمة في المغرب تحدد الأجندات، طبعا وتطبيعا، فقد ارتأت واقترحت على القوى “شبه الحية” في البلاد، أن ينطلق “النقاش الوطني”، جدا، و فورا في الموضوع الشاءك، ارتاته ذو راهنية، وأن يبدئ “التفكير المشروط” في تعديل مدونة الأسرة المغربية، هذه المرة، حيث رأت بعض أطراف “الصراع الهادئ” -في هذا- فرصة يجب استثمارها لإطلاق ورش الإصلاح، إذ لرب ضارة نافعة !، وذلك “باعتماد قواعد ونصوص تساهم في استقرار الأسرة المغربية (…) تماسكها (…) وحماية مصالح مكوناتها (…) والعمل على انسجام “الكل”، في ما الآخر رأى فيها فرصة للتغيير العميق والجذري و الشامل للسلوكات والبنيات (…).
وعليه، فكيف لمن لا يبادر في اقتراح مواضيع الاهتمام الوطني أن يتحكم يوما في ما ستؤول إليه الأمور وتستقر عليه الأوضاع في المنطقة؟ وكيف لفاقد الشيء ومن لا أهلية ولا شرعية له، أن يعطيها ؟ و ثم، اليس إذا تدخل الحاكم في التشريع فَسُدَ القانون (نابليون ومسألة الطلاق والإجهاض، كما هو الأمر في إسرائيل اليوم…) كما تقول الموضوعة !؟
(…) علما بوجود زوايا نظر متعددة ومتنوعة ومتقاطعة تعتمل في رحم المجتمع المغربي (الفقه، السياسة، الفكر…)، تتـراوح بين” إمكان الإصلاح”وإمكان الطفرة النوعية نحو المساواة العرضانية من جهة ومن يعتمد قراءة محافظة ومتحجرة للنص الديني، لا تعمل إلا على إعادة إنتاج نفس العلاقات الاجتماعية السائدة، وما تخدمه تلك التراتبيات التقليدوية من مصالح أكيدة، مادية ورمزية (…)، دون أن تحدث تحولا إيجابيا فعليا[2].
لقد نبه المحللون لنزعات التجاهل والتهوين والتهويل والتضخيم التي تعج بها مقاربات الفاعلين ومنتجي الخطاب الإيديولوجي حول الوطن والأسرة والهوية … وحذر خصوصا من “التعصب القومي” المناهض للاختلاف، والذي قد ينتهي بالتفكك واندثار المشترك بين المغاربة[3] ، والحال أن المفهوم الذي نتبناه لا يلزم- عفوا- ان تتداوله الشكوك بالغلط، ف”العصبية” عند ابن خلدون، كما اولناها، على الاقل، بعيدة عن التعصب بالمعنى القدحي للكلمة، وإنما بالمعنى الذي لا ينقض المشترك بين أفراد وجموع وقبائل وطبقات الوطن الواحد، أو المغاربي، ونعتبره بمثابة مفهوم مادي- بالمعنى الفلسفي والعلمي، مفهوم قادر على ضبط العمران الإنساني الاجتماعي-العائلي والوطني- الممانع، في تميزه.
هكذا يمكن اعتبار “الاجتماع البشري” إن على مستوى الوطن الترابي أو العائلة، أداة لتحقيق السلم والتراضي بين بني البشر، وليس لإذكاء النزاع والحرب والخصام والعنف والعدوان، وسيلة لنزع كل تلك الفتائل وتجويد التفاوض والحوار والصراع والذوذ عن التراب- الوطن والإنسان والمشترك (…)، و الدفاع عن النفس والحرب إذا اقتضى الحال، من بعيد أو حتى من “مسافة الصفر” ، على حد تعبير/قول المقاومة الفلسطينية !. فهل استقل بلادنا، فعلا، للتجرىء على فعل وقول ذلك…!؟ ( انظر اتفاقية اكس ليبان، 1955).
في كتابه ” الجغرافيا تفيد أولا وقبل كل شيء في الحرب”[4]، عمل إيف لاكوست، وليد المغرب، على إدراج ومناقشة الملاحظات والانتقادات وإصدار الشروح لكل من تعرض لعمله البارز والمعرف بابن خلدون للعرب- قبل الغرب- طوال أربعين سنة، وقد تناول ذلك في مقدمة شاملة جامعة في إصداره الأخير (2018)، ولازال يحتفظ بالعنوان ذاته، عنوان زعزع- في وقته- ولربما لازال مؤثرا إلى اليوم، الجغرافيين والجيوبوليتيك العالمي والرأي العام الدولي، إذ لازال الكتاب المؤلف المنقح مثار انشغال وانبهار وتقدير…
ولإعطاء أمثلة على ذلك / جغرافية الحرب، فالأمثلة لا تنقص اليوم، ما حل بالكامل الارضي، وفي ما يهمنا مباشرة، بتراب جهات بعينها طول الشرق والغرب والمغارب والوطن المغربي، جنوبا وشمالا وشرقا وغربا، من أجل تهييء عمران الجهات والمدن والسواحل الشواطئ الجديدة، وما استتبع ذلك من تهجير قسري ومفضوح وسافر للسكان والقبائل والعشاءر، وإن كانت تتمتع بملكيات محفوظة خاصة، يبدو أنها لا تقدس ملكية الفلاحين الصغار، واستبدال كبير وعريض وجامح ودامج لإثنيات وعروق ما سبق للمغرب بها من اكتساح ، في أفق نيوليبرالي – شبه كولونيالي وإمبريالي، يذكر ببدايات الثورة الصناعية في الغرب، وما يعرف في الاقتصاد السياسي النقدي بـ ” عمليات تسييج الملكيات” وخوصصتها.
ولاستجلاء فكرة أن التراب فضاء وعر للنفوذ، وأن التنمية الترابية ليست أقل من أداة جهنمية بيد من لهم الحل والعقد، لأجل الحرب بشتى ألوانها ودسائسها، المفتوح منها والمستثر، الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية على الأوطان والأحياء والجهات (…) يكفي الإشارة التاريخية الكلاسيكبة إلى ما عالجه لاكوست (1976) عن الحرب الأمريكية على الفيتنام، من جهة وإلى ما كبدته المقاومة الفيتنامية للعدو من خسائر وآثار لازالت جروحها النفسية والاقتصادية…. قائمة إلى اليوم، من جهة اخرى.
ويمكن التذكير أيضا بالحرب الروسية الأوكرانية، في تماس مستجد بين القوى الغربية الامبربالية والقوى الروسية الوطنية، جدا، وكذا تموضع الكيان الإسرائيلي الواضح للعيان و المفضوح في قلب الشرق، لقطع الطريق على نماء وتحرر شعوبه من ربقة الاستعمار والإمبريالية، وكل دسائس تلك الحروب/ الإبادة الغادرة على شعب فلسطين البطل ورد اامقاومة الفليسطينيةالقوي، وهي تحيي ومعها احرار العالم البارحة ذكرى سنتها الاولى ، عبر سياسة الأنفاق وحرب المدن..والتكنولوجيا المحلية الحربية المتطورة….. لمعرفتها بجغرافيا المنطقة واالتحتم لها، قلبا وقالبا، إيمانا وعقيدة و حنكة وتعقلا وتدبيرا، (غزة، الضفة، الداخل، طبيعة الجوار النبي-ص الاسلامي المتصهين، مساندة محور المقاومة الإستراتيجي: لبنان، اليمن، العراق، إيران، سوريا، الصين، وروسيا…لبريكس….).
ويمكن التذكير أيضا بحرب كوفيد، وما قبلها من الحصارات هنا وهناك، في إفريقيا وآسيا والعالم، وحروب الاستعمار، القديم والجدبد، وفتائل التوترات اللامنتهية، وكل ملتبسات الحروب التحررية عبر المواقع والعالم، ضد قوى الإمبريالية، والمقاومات ضد الخونة (…). وتجدر الإشارة أيضا إلى الموقع الإستراتيجي للمغرب، عبر العصور، واليوم، كبوابة لإفريقيا على مقربة من إسبانيا والبرتغال وأوروبا، عموما، وما يستشريه موقع الصحراء الغربية- المغربية من أطماع بين الدول العظمى والجوار، ومن احتمال حروب مدمرة في المنطقة، لا تتعب من ودلالاتها المشبوهة!!.
وعلى المستوى الاجتماعي- الإثني، يمكن إثارة موضوعات مثل الرهان على أراضي الكيش- الأوداية، مثلا حيث حالة سكان دوار أولاد دليم، نموذج لمقاومة ” العصرنة المدينية” النيوليبرالية، وحيث الفرق طبعا بين المدنية والحضارة. وقد أبلوا النضال الحسن من أجل إحقاق حقهم الملتبس في إعادة إسكان لائق. يتعلق الأمر بخوصصة أراضي الكيش- الأوداية – الرباط، وبمثال لمقاومة نزع ملكية الفلاحين الصغار، حيث المعايير الدولية للعمران وللمدن العصرية تتقدم كذريعة مكشوفة لخوصصة ما تم اعتباره ” الاحتياطات العقارية”، وضرورة توسيع مدينة الرباط/ الانوار، اداربا، وغير ذلك. وهي من طبعها ” غير مقننة” (دور الصفيح، السكن اللاشكلي، أو الجماعي، كما هو شأن أراضي الجموع).
لقد تابعالراي العام المدني والسياسي، سنوات 2023/2024، عمليات تهديد ونزع بالقوة لملكية سكان الأوداية (المنزه- الصخيرات….)، وما واكب ذلك من تعبئة وتحرك للمتضررين، لازال بعض قيادييهم من الشباب في السجن، وان افرج على بعضهم بداية شهر أكتوبر 2024 بعد أن قضوا ظلما، من اجل سكن لايق، ما يزيد عن السنة واربع اشهر، و ذلك من أجل بناء مدن وأحياء وواجهات ومؤسسات رسمية جديدة، تم نقلها من الرباط -المركز، إلى ضواحيه، وهو ما يذكر بعمليات التراكم البدائي –المتوتر- المتوحش الكامل في التراكم الرأسمالي، بأوروبا، عشية الثورة البورجوزاية الغربية.
في ختام محاضراته الثلاثة[5] دعى موران إلى تجنب الانغلاق داخل فكر ثنائي، أي فكر مغيم بقطب اهتمام واحد على حساب الأقطاب المعنية الأخرى، متوجها بالأساس إلى أوروبا، على أن تتسلح بوعي جديد، وإن كان دائما وعيا أوروبيا شقيا وخاطئا ( انظر اليوم موقف هابرماس، الفيلسوف الا اماني الكبير، راءد مدرسة فرانكفورت، مطلقا لقيم الانوار !!!). وبالمناسبة، حلل موران أمثلة أوشفيتز، حيث فضاعة النازية، و”الغولاغ”، حيث مخميات الاعتقال والإبادة السوفيتية- الستالينية، محذرا من بربرية ذهنية ملتبسة، قد تشابه ما آلت إليه الإبادة اليهودية الصهيونية الإمبريالية العالمية اليوم لشعب فلسطين، ليطالب من جهته بإنسية جديدة- واقعية، ذات راهنية قل نظيرها، تشمل الاعتراف بجميع الضحايا، على رأسهم اليوم “شعب غزة- الضفة الغربية”، لتجاوز ” البربرية الأوروبية”، والغربية عموما. لكن نقول لموران، هل من مبرر للقتل بالقتل والإبادة والعدوان، وهل من معنى، و من نفس للمعنى، لا يبرر حرب الوجود التاريخي المشروع للشعب الفلسطيني…!؟
هكذا، ولإرساء تراكم رأسمالي امبربالي موسع، وإن كان تابعا ومشوها في ضواحي المركز الرأسمالي- الإمبريالي، أبى النموذج التنموي المغربي (2021)، إلا أن يعتمد رافعتي التحول الرقمي، في مجال الإنتاج الصناعي خاصة، وكذا ما يعرف بالانتقال الأخضر، وهما رافعتين أفقيتين، قد تجران الاقتصاد المغربي برمته في الأفق أعلاه، أفق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولذلك يعتزم المغرب تنمية نموذج رقمي ذو بوابة عالمية، موجه للمواطن النافع ، محمول بالتكنولوجيا، والكفاءات والمهارات، من أجل تحقيق لنوع من السيادة الرقمية ودمج التحكم في المخاطر، والتفتيت والاندثار….في أفق 2035، وكذا تنمية “قطب خبرة”، قد ينفتح على كفاءات أجنبية بعينها !، يحتضن خدمات مندمجة للأمن الرقمي وللاستشارة والبحث والتنمية.
أن الانتقال الأخضر في حالة المغرب ونموذجه التنموي يراهن على مكونين، وهما على التوالي: تقوية البنيات التحتيات للتبادل والربط الشبكي- البيني بينها، وعلى التقائية البنيات التحتية للموانئ واللوجستيك القائمة.فالانتقال الطاقي يعمل على دمج صناعي- ترابي، وذلك على مستوى قطاعات وفروع الطاقة الجديدة- المتجددة- الريحية، وكذا على تطوير أنسجة الفوتو فولكاييك، وتحلية الماء، خاصة. أما المكون الثاني، فيهتم بالاستثمار في ما يسمى ” قطاعات المستقبل”، إذ من الممكن للطاقة أن تلعب دورا مهما في “كهربة لاكاربونية” للصناعة (الهيدروجين، الأمونياك…). كما أن الحراك المستديم في مجالات الطاقة المتجددة والتجهيز والنقل(….) يكون الأساس للانتقال. ناهيك عن إنتاج السيارة، نحو نظام صناعي” أربعة صفر” وطني، يجمع بين الإدماج والاستمرارية والأتوماتيك والذكاء الصناعي والاتصال.
وحتى إن غاب الاقتصادي في فكر ابن خلدون، فتمة راهنيته إذا افترضنا الطبيعة الحاسمة للقواعد السياسية، بما هي قواعد مرتبطة بطبيعة العمران البشري وبأطوار الدولة والمجتمع وبمستويات الصراع الطبقي- الكوكبي، فإن الأسرة وعلاقة الرجل بالمرأة توجدان في قلب البنية الفوقية وتحررها، بالذات. كما أن العالم الإنساني الذي ننتمي إليه لا يمكن اختزاله في تناقض واحد أو استيلاب واحد.
ذلك أن “الحاجة الجنسية” تختلف عن أي حاجة إنسانية أخرى، من حيث ان موضوعها هو الإنسان، حاجة الإنسان إلى الإنسان، في حين أن موضوع الحاجات الأخرى هو السلع والخيرات المادية، وكل ازدراء للمرأة واضطهادها وتجريدها من الإنسانية يوجد في عقر دار الرجعية العربية الإسلامية المتوارثة إزاء المرأة. ولهذا الاضطهاد يعتبر مشكلة نوعية، وحلها غير منوط آليا بحل المشكلة الاقتصادية. كما أن وضعها لن يتغير كثيرا إذا لم تصبح إلا مستعبدة الرجل في المجتمع الطبقي.
أكان بالنسبة لعلاقة المرأة بالرجل أو بعلاقات لقد عبر موران عن وعيه الاستراتيجي منذ مدة، لما يمكن أن تؤول إليه العلاقات الدولية، فإن المخرج يبدو إنسانيا، أولا وقبل كل شيء.إن الظروف التاريخية- السياسية- الاجتماعية الراهنة تجعل من الأسوء أمرا قابلا للتحقق، حيث التأزم يبلغ حد الانفجار، مستغربا – جدليا- كيف تهددنا البربرية من وراء الاستراتيجيات التي ينتظر أن تعارضها، بالذات وكيف أن الحروب التي نعيشها تتضمن مكونا خفيا إضافيا للبربرية الجديدة، وهو” “التقدم الخارق للعلم” الذي وضع في خدمة مشروع تصفية تقنية علمية لجزء من الإنسانية[6].
كما أن الاشتغال على الذاكرة بجميع تلاوينها ومحطاتها التاريخية ( استعباد ، نخاسة، استعمار استيطاني، عنصرية عرقية…، توليتارية- النازية والسوفياتية، الصهيونية العالمية….) قد تساعد الدول والمجتمعات والشعوب على أن تحد من تسلط البربريات، والعمل على الحد من انبعاث مخاطرها الجديدة. ولعل إمكان ذلك يمر حتما على إدماج تلك البربرية في الوعي الأوروبي كشرط لتجاوزها.
لقد خلص موران إلى أنه من اللازم أن يدمج في وعي البربرية ذاتها وعي ملازم لها، بأن أوروبا/ الغرب تنتج – عبر الإنسية- الكونية والتطور التدريجي لوعي عالمي، كما تنتج- بالمناسبة- ترياق بربريتها الخاصة. إدماج البربرية في الوعي الأوروبي شرط لتجاوز المخاطر الفعلية لأسوءالبربريات الجديدة، وأن التفكير في البربرية هو المساهمة في إحياء الإنسية، وإحياء هذه الأخيرة يعني مقاومة البربرية/ ااهمجية/ الغير حظارية، على أن الديمقراطية الإنسانية أن تجدد باستمرار، وإلا فمآلها الانحطاط، وأن كل تنكر لها، كما هو اليوم، هو تنكر لقيم الإنسانية في مرحلة تأزمها الغير المسبوق.
وقد نخشى أن العالم لم يتحرر اليوم بعد من تسلط البربريات الجديدة، لا متمدنة ولا حظارية،ليحل مشاكله ويدبرها بالسلم المطلوب، أي بـ ” عصبية/ عصبيات مصلحة وطنية- مواطنة- إنسانية معقولة” ومشروعة ! عصبية قال! ام اردتم لشعوب واوطان أن تندثر من الخريطة العالمية !؟
اننا صراحة أمام مشروعين كبيرين للوجود، واحد تاريخي اصيل، والآخر مفتعل ومغرض، يشملانهما قطعا التطور الرأسمالي الإمبريالي المتناقض، بطبيعته، رهن فيه اليهود ايما ارتهان غاشم، بابتداع صهيونبة عالمية، لازال الغرب ومن معه، لايرى “صراحة” عدم جدواها، ظهرها اليوم ويد المطبعين معها، الى الحاءط، كما يوضح ذلك مابعد-الاقتصاد السياسي النقدي.
3-2 : الرأسمالية العالمية تعاود تسريع تطبيق مخطط سايسبيكو ، مزيد ومنقح ( يتبع).
[1] – عضو مختبر بحث الضوابط الاقتصادية والذكاء الاستراتيجي، (Reis)، جامعة الحسن الثاني، البيضاء. وهو عضو أيضا بمركز بنسعيد أيت إيدر للأبحاث والدراسات (Cerm)، البيضاء و كاتب عام محلي للاشتراكي الموحد، تمارة.
[2] -أصدر الديوان الملكي/ القصر، بلاغا للرأي العام يومه 28 يونيو 2024، بمثابة إحالة إلى المجلس العلمي الأعلى، ليرى في نقط لازالت معلقة في مشروع مدونة الأسرة، لتكييفها وتنسيبها على مقاص اختيارات الدولة، وفق ديدن/ستاتيكو ” لا تحريم لما حلل الله ولا تحليل لما حرمه.
[3] -حسن طارق، 2023، ص 17، مصدر سابق.
[4] -إيف لاكوست (1976/2018)، لاديكوفرت، فرنسا.
[5] – انظر الترجمة للمحاضرات الثلاث التي قدمها محمد الهيلالي (2007) لكتاب إدغار موران، ثقافة أوروبا وبربريتها، باريس، وباتفاق خاص مع المؤلف ومنسقي المحاضرات الثلاث.
[6] – ويمكنني أن أضع كوفيد 19، وخاصة الإبادة الجماعية لشعب فلسطين ضمن هاته الحروب التصفوية، التي تمتزج بها قوة التقنية والعلم مع سطوة النفوذ والسيطرة…
[7] – حسن أوريد (2018)، من أجل ثورة ثقافية في المغرب. انظر أيضا كتابه (2023)، إغراء الشعبوية في العالم العربي أو الخطر الداهم / الاستعباد الطوعي الجديد، عن دار المركز الثقافي العربي.
[8] -أنظر أرضية العدد: إصلاح مدونة الأسرة وصراع المشاريع المجتمعية …، مجلة الربيع، العدد 16